الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

النصيحة لمن يقتصر في طلب العلم على القراءة من الكتب!

425922

تاريخ النشر : 14-10-2024

المشاهدات : 947

السؤال

السؤال:
أنا شخص عامي، وإذا قرأت في بعض الكتب الدينية في شروحات مثلا كتب محمد بن عبد الوهاب رحمة الله، فالمقصود أني لا أعلم بعض الكلمات في الكتاب؛ لأني شخص عامي، ولا أعلم بعض الكلمات العربية، فماذا اصنع؟ وهل يوجد كتب لتعليم العربية؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

كتب أهل العلم منها المختصر والمطول، والسهل والصعب، وما له شروح وما ليس له شروح، وينبغي للإنسان أن يستشير أهل العلم فيما يبدأ به من القراءة، فهم أقدر على تحديد ما يناسبه، ودلالته على ما للكتاب من شرح مكتوب أو شرح صوتي، ثم إن خفي عليه معنى شيء مما يقرأ رجع إليهم، فسأل عن ذلك، كما أمر الله تعالى بقوله: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/43.

وقد يفهم الإنسان المكتوب، وتخفى عليه بعض الكلمات، فله أن يستعين في فهمها بالرجوع إلى معاجم اللغة، كالقاموس المحيط ونحوه، وإن كان الأسلم والأولى سؤال أهل العلم؛ لأنّ تعلّم الإنسان بنفسه مظنة الزلل، فربما فهم الكلام على غير وجهه، وربما كان في الكلمة تصحيف وتغيير فلا يهتدي لمعناها.

 

قال الصفدي: ولهذا قال العلماء: لا تأخذ العلم من صُحفي ولا من مصحفي، يعنى: لا تقرأ القرآن على من قرأ من المصحف، ولا الحديث وغيره على من أخذ ذلك من الصحف" انتهى من "الوافي بالوفيات" (21/75).

وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله: "تلقي العلم عن الأشياخ: الأصل في الطلب أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتيذ، والمثافنة للأشياخ، والأخذ من أفواه الرجال، لا من الصحف وبطون الكتب، والأول من باب أخذ النسيب عن النسيب الناطق، وهو المعلم، أما الثاني عن الكتاب، فهو جماد، فأنى له اتصال النسب؟

وقد قيل: "من دخل في العلم وحده؛ خرج وحده"؛ أي: من دخل في طلب العلم بلا شيخ؛ خرج منه بلا علم؛ إذ العلم صنعة، وكل صنعة تحتاج إلى صانع، فلا بد إذاً لتعلمها من معلمها الحاذق.

وهذا يكاد يكون محل إجماع كلمة من أهل العلم" انتهى من "حلية طالب العلم" ص 158.

فاجتهد في الوصول إلى من يوثق به من أهل العلم في بلدك ومحلك، وتعلم العلم على يديه، واستشره فيما تقرأ، وارجع إليه فيما أشكل عليك، فهذه هي الجادّة المأمونة.

فإن تعذر على الإنسان التعلم على يد معلم، فلا أقل من استشارة أهل العلم في الكتب التي يقرؤها.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هل يجوز تعلم العلم من الكتب فقط دون العلماء وخاصة إذا كان يصعب تعلم العلم من العلماء لندرتهم؟ وما رأيكم في القول القائل: من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه؟

فأجاب بقوله: لا شك أن العلم يحصل بطلبه عند العلماء، وبطلبه في الكتب، لأن كتاب العالم هو العالم نفسه، فهو يحدثك من خلال كتابه، فإذا تعذر الطلب على أهل العلم، فإنه يطلب العلم من الكتب، ولكن تحصيل العلم عن طريق العلماء أقرب من تحصيله عن طريق الكتب؛ لأن الذي يحصله عن طريق الكتب يتعب أكثر، ويحتاج إلى جهد كبير جدا، ومع ذلك فإنه قد تخفى عليه بعض الأمور كما في القواعد الشرعية التي قعدها أهل العلم والضوابط، فلابد أن يكون له مرجع من أهل العلم بقدر الإمكان.

وأما قوله: "من كان دليله كتابه فخطؤه أكثر من صوابه"، فهذا ليس صحيحًا على إطلاقه، ولا فاسدَا على إطلاقه، أما الإنسان الذي يأخذ العلم من أي كتاب يراه فلاشك أنه يخطئ كثيرَا، وأما الذيْ يعتمد في تعلمه على كتب رجال معروفين بالثقة والأمانة والعلم، فإن هذا لا يكثر خطؤه، بل قد يكون مصيبَا في أكثر ما يقول" انتهى من "مجموع الفتاوى" (26/ 197).

ثانيا:

بالنسبة لكتاب التوحيد للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله: فشروحه المعاصرة، والسابقة: كثيرة جدا، وقد فصلت ما يحتاجه طالب العلم منه. ومن أحسنها، وأقربها للفهم، وأنفعها للطالب المبتدئ: شرح الشيخ صالح آل الشيخ حفظة الله، وهو مطبوع متداول. وأصله دروس صوتية، متاحة، لمن عنده فرصة للسماع.

وكذلك شرح الشيخ عبد الرحمن السعدي، رحمه الله: مختصر مفيد.

فإذا فهم الطالب الكتاب فهما عاما، من خلال الشروح الميسرة، فله أن ينتقل بعد ذلك إلى شروحه المطولة، ومن الشروح المعاصرة النافعة المطولة، شرح الشيخ صالح الفوزان، وشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله.

 

وأما كتب تعليم العربية: فنعم، هي كثيرة متاحة، بحسب فنونها، فالنحو له كتبه، بمراتبها، والبلاغة لها كتبها، وهكذا.

وإن كان المراد: الكتب التي تشرح المفردات الغريبة، فنعم، هي كثيرة كذلك، مطولة، ومتوسطة، ومختصرة، ومن أحسنها للمعاصر، وأنفعها: "المعجم الوسيط"، إعداد مجمع اللغة العربية بالقاهرة. وهو مطبوع متداول.

 

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب