الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم شراء منزل مع زيادة في الأقساط المؤجلة كل ستة أشهر بسبب التضخم؟

426962

تاريخ النشر : 24-04-2023

المشاهدات : 2515

السؤال

في تركيا تقدم الدولة التركية للمحتاجين أو من هم أصحاب الدخل المحدود من مواطنيها بالقرعة ما يسمى منازل بدفعة أولى 10%، وتقسيط على 240 شهر، ولكن تقول الدولة بسبب التضخم الحاصل: إنه سوف تزداد قيمة الدفعات الشهرية كل ستة أشهر، وهذه الزيادة تكون حسب زيادة أجور الموظفين، والتي تكون كل ستة أشهر، هذه المنازل تسلم بفترة بين ستة أشهر إلى ثلاث سنوات في الغالب، تقول الدولة: إن هذه المنازل بدل استئجارك لمنزل، تملك منزلا، فهل يجوز الدخول بهذا النوع من التملك؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجوز بيع المنازل بالتقسيط، إذا انضبط بالشروط الآتية:

1 - أن يكون البيت ملكا للبائع، أو سيملكه ويقبضه -وذلك بتخليته واستلام مفاتيحه- قبل أن يبيعه فعليا على العميل.

2 - أن يخلو العقد من شرط ربوي، كاشتراط غرامة على التأخر في سداد الأقساط.

3 - أن يخلو العقد من شرط ينافي مقتضاه، كاشتراط ألا تنتقل الملكية للعميل إلا بعد سداد الأقساط.

ثانيا:

يشترط لصحة البيع- مرابحة كان أو غيره- معلومية الثمن عند العقد، في قول جمهور الفقهاء، فلا يصح البيع بثمن مجهول، ولا بثمن متغير.

قال في "الإنصاف" (4/ 309): " (السابع: أن يكون الثمن معلوما) يشترط معرفة الثمن حال العقد، على الصحيح من المذهب. وعليه الأصحاب" انتهى.

فإن كانت الدولة تحدد الثمن، وتنص على أنه كل ستة أشهر يزاد بقدر كذا أو بنسبة كذا، فلا حرج؛ لأن الثمن يكون حينئذ معلوما يمكن حسابه ومعرفته عند العقد، ويتم العقد في أوله على الثمن الكلي، بما فيه الزيادات المنضبطة التي ستزيدها الدولة.

وإن كانت الزيادة لا تُعلم إلا كل ستة أشهر كما يفهم من سؤالك، فلا يصح البيع؛ لجهالة الثمن. ولأن الثمن المؤجل في بيع التقسيط يثبت ديناً في ذمة المشتري، فالزيادة المشروطة عليه تكون ربا.

وقد صدر قرار من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي رقم: 124 (2/ 22) بتحريم البيع بالربح المتغير، ونصه:

"الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته (الثانية والعشرين) المنعقدة في مكة المكرمة في الفترة من 21 - 24 رجب 1436 هـ التي يوافقها 10 - 13/مايو 2015 م قد نظر في موضوع (البيع أو التأجير بالسعر المتغير).

والمراد به: عقد بعوض آجل على أقساط محددة، يتفق فيها العاقدان على أصل الدَّين، ويضاف إليه عند حلول كل قسط ربح على المقدار غير المسدد من أصل الدين، ويتحدد ذلك الربح بناء على مؤشر منضبط متفق عليه.

والإجارة بسعر متغير، هي: عقد إجارة طويلة المدة، تحدد فيه الأجرة حين العقد للمدة الأولى، وتربط بقية الأجرة بمؤشر متفق عليه، بحيث تحدد في نهاية كل مدة أجرة المدة التي تليها.

وبعد الاستماع إلى البحوث المقدمة، والمناقشات من أعضاء المجمع، والباحثين، وحيث إنه لا خلاف بين أهل العلم أن من شروط صحة العقد، العلم وقت العقد بالمعقود عليه ثمناً ومثمناً، علماً نافياً للجهالة وسالماً من الغرر. فقد قرر المجمع ما يلي:

أولاً: أن عقد البيع بسعرٍ آجل متغير لا يصح؛ للأسباب الآتية:

1 - جهالة الثمن وقت العقد، وهي جهالة كبيرة تفضي إلى المنازعة، ويحصل معها الغرر والمخاطرة، وليست من الجهالة اليسيرة المغتفرة.

2 - أن تأجيل الثمن يجعله ديناً في ذمة المشتري، وتغيُّر المؤشر بالزيادة، يعني زيادة الدين بعد لزومه، مما يوقع في شبهة الربا.

ثانياً: يجوز عقد الإجارة بأجرة متغيرة، مرتبطة بمؤشر منضبط معلوم للطرفين، يوضع له حد أعلى وأدنى، شريطة أن تكون أجرة الفترة الأولى محددة عند العقد، وأن تحدد أجرة كل فترة في بدايتها.

والفرق بين عقد الإجارة وعقد البيع: هو أن عقد الإجارة يغتفر فيه من الغرر ما لا يغتفر في البيع، باعتباره يقوم على بيع منافع في المستقبل، تتجدد شيئاً فشيئاً؛ بخلاف عقد البيع الذي يقع على عين قائمة، وقد أجاز الفقهاء استئجار الأجير بطعامه وكسوته، وأجازوا استئجار الظئر [أي: المرضع]، بحسب العرف.

ولأن عقد الإجارة متغيرة الأجرة: يخلو من شبهة الربا.

ثالثاً: يرى المجمع مناسبة عقد ندوة للبحث في بدائل البيع بالسعر المتغير القابلة للتطبيق، والتي لا تتعارض مع أصول الشريعة الإسلامية في العقود، ويمكن بواسطتها معالجة المشكلة التي تواجه العاقدين بسبب تغير الأسعار.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه" انتهى.

وجاء في "المعايير الشرعية" الصادر عن هيئة المحاسبة الإسلامية ص 297:

"يجب أن يكون كل من ثمن السلعة في بيع المرابحة للآمر بالشراء، وربحها: محددا، ومعلوما للطرفين عند التوقيع على عقد البيع.

ولا يجوز بأي حال أن يترك تحديد الثمن أو الربح لمتغيرات مجهولة، أو قابلة للتحديد في المستقبل؛ وذلك مثل أن يعقد البيع ويجعل الربح معتمدا على مستوى الليبور (LIBOR)  الذي سيقع في المستقبل.

ولا مانع من ذكر مؤشر من المؤشرات المعروفة في مرحلة الوعد للاستئناس به في تحديد نسبة الربح، على أن يتم تحديد الربح في عقد المرابحة للآمر بالشراء على أساس نسبة معلومة من التكلفة، ولا يبقى الربح مرتبطاً بالليبور أو بالزمن" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب