الحمد لله.
أولاً:
يجوز استخدام الأطراف الصناعية، عند فقدان العضو الأصلي.
ودليل ذلك حديث عرفجة بن أسعد رضي الله عنه قال: (أُصِيبَ أَنْفِي يَوْمَ الكُلَابِ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَاتَّخَذْتُ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيَّ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ). الترمذي (1770)، وحسنه الألباني.
قال النووي: "إذا انكسر عظمه، فينبغي أن يجبره بعظم طاهر" انتهى من "المجموع شرح المهذب" (3/138).
وقد أقر ذلك في قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة سنة 1405هـ. انظر قرارات مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي (169).
ثانياً:
يجوز تركيب اليد الصناعية لمن أقيم عليه حد السرقة، ولا نعلم أحدًا من المتقدمين أو المعاصرين صرح بعدم جوازه.
وقد اختلف العلماء في إعادة اليد الأصلية المقطوعة في حد السرقة إلى صاحبها، فمنع جمهور المعاصرين من ذلك، وصدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من ١٧ إلى ٢٣ شعبان ١٤١٠هـ الموافق١٤ - ٠ ٢ آذار (مارس)، وجاء فيه:
" أولاً: لا يجوز شرعاً إعادة العضو المقطوع تنفيذاً للحد؛ لأن في بقاء أثر الحد تحقيقاً كاملاً للعقوبة المقررة شرعاً، ومنعاً للتهاون في استيفائها، وتفادياً لمصادمة حكم الشرع في الظاهر. ثانياً: بما أن القصاص قد شرع لإقامة العدل، وإنصاف المجني علية، وصون حق الحياة للمجتمع، وتوفير الأمن والاستقرار:
فإنه لا يجوز إعادة عضو استؤصل تنفيذاً للقصاص، إلا في الحالات التالية:
أ - أن يأذن المجني عليه بعد تنفيذ القصاص بإعادة العضو المقطوع من الجاني.
ب - أن يكون المجني عليه قد تمكن من إعادة عضوه المقطوع منه.
ثالثاً: يجوز إعادة العضو الذي استؤصل في حد أو قصاص بسبب خطأ في الحكم، أو في التنفيذ.
والله أعلم.
وذهب بعض المعاصرين إلى الجواز.
ومن حجة المانعين أن القطع شرع ليحصل الزجر والنكال للسارق، فإعادتها ينافي ذلك، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحسم يد السارق قبل قطعها، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال في السارق: (اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه) رواه الحاكم في المستدرك، وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم. المستدرك 4/381.
والحسم بوضعها في الزيت المغلي ونحوه.
وأمر بتعليقها في عنقه بعد القطع، كما في حديث فضالة رضي الله عنه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بسارق، فقطعت يده، ثم أمر بها فعلقت في عنقه" رواه الترمذي (1447)، وأبو داود (4411) وحسنه الترمذي.
وإعادة اليد ينافي الحسم والتعليق.
وللاستزادة ينظر: "أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها" لفضيلة الشيخ محمد المختار الشنقيطي" (422-426).
وأما اليد الصناعية فلا تقوم مقام اليد الأصلية، ولا يخفى على الناس أنها صناعية، وأن صاحبها قد قطعت يده، وتركيبها لا يعارض الأمر بالحسم، فإنه يمكن تركيبها بعد الحسم ومضي مدة من القطع.
ثم إنه لا سلطان على السارق بعد القطع، فيمكنه تركيب هذه اليد الصناعية كيفما كان، بخلاف اليد المقطوعة، فللقاضي، أو جهة تنفيذ الحد: حرمانه منها.
والحاصل:
أنه لا حرج على السارق في تركيب يد صناعية بعد قطع يده.
والله أعلم.
تعليق