الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

هل صحت قصة اقتتال علي مع عمرو بن العاص وإعراض علي عنه بعد ظهور عورته؟

434483

تاريخ النشر : 19-04-2023

المشاهدات : 37880

السؤال

ما هي صحة قصة عورة عمرو بن العاص لقد قرات في احد المرات هذه القصة و لكن من باب الفضول فقط ليس من باب الدين فوجود هذه القصة و عدم وجودها لا تؤثر و كان النص هكذا... فلول ثم طعنه فصرعه واتقاه عمرو برجله، فبدت عورته، فصرف علي وجهه عنه وارتث، فقال القوم: أفلت الرجل يا أمير المؤمنين. قال: وهل تدرون من هو ؟ قالوا: لا قال: فإنه عمرو بن العاص تلقاني بعورته فصرفت وجهى عنه.ورجع عمرو إلى معاوية فقال له: ما صنعت يا عمرو ؟ قال: لقيني على فصرعني.

الجواب

الحمد لله.

الخبر المذكور باطل ليس له إسناد يثبت .

وقد جاء هذا الخبر مسندًا في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقري (1/394) وما بعدها. 

فقال نصر بن مزاحم : " عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبى يحيى ، عن عبد الرحمن بن حاطب أن علي طعن عمرو فصرعه واتقاه عمرو برجله ، فبدت عورته ، فصرف علي وجهه عنه وارتث ، فقال القوم : أفلت الرجل يا أمير المؤمنين ، قال : وهل تدرون من هو ؟ قالوا : لا ، قال : فإنه عمرو بن العاص تلقاني بعورته فصرفت وجهى عنه " .

ونصر بن مزاحم من غلاة الشيعة ، وهو واهي الحديث ، حديثه ليس بشيء .

قال أبو خيثمة فيه : " كان كذاباً ". وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء.

وقال أبو حاتم: واهي الحديث، متروك الحديث، لا يكتب حديثه.

وقال الجُوزْجانيُّ: كان زائغاً عن الحق. وقال الخطيب: يعني رافضياً.

ينظر: "التكميل في الجرح والتعديل" لابن كثير (1/354).

وقال ابن عدي : " عامة رواياته غير محفوظة " انتهى من "ضعفاء الرجال" لابن عدي (8/286).

وقال العقيلي: " كان يذهب إلى التشيع ، وفي حديثه اضطراب وخطأ كثير" انتهى من "الضعفاء الكبير" للعقيلي (4/300).

وقال عنه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/253): " نصر بن مزاحم الكوفي عن قيس بن الربيع وطبقته: رافضي جلد؛ تركوه " انتهى.

وقال ابن الجوزي في الموضوعات (1/378) : " نصر بن مزاحم: قد ضعفه الدارقطني، وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : كان نصر زائغا عن الحق مائلاً ؛ وأراد بذلك غلوه في الرفض ، فإنه كان غاليًا، وكان يروي عن الضعفاء أحاديث مناكير " انتهى. 

وجاء الخبر أيضًا في كتاب "المحاسن والمساوئ" (ص24) لإبراهيم بن محمد البيهقي ، عن الشعبي أن عمرو بن العاص دخل على معاوية وعنده ناس فلما رآه مقبلاً استضحك فقال: يا أمير المؤمنين أضحك الله سنك وأدام سرورك وأقر عينك، ما كل ما أرى يوجب الضحك! فقال معاوية: خطر ببالي يوم صفين يوم بارزت أهل العراق، فحمل عليك عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، فلما غشيك، طرحت نفسك عن دابتك وأبديت عورتك، كيف حضرك ذهنك في تلك الحال؟!

أما والله، لقد واقفته هاشميّاً مَنافيّاً، ولو شاء أن يقتلك لقتلك!.

وهذا أيضًا خبر لا يصح  .

فصاحب الكتاب : إبراهيم بن محمد البيهقي مجهول ، كما أنه لم يدرك الشعبي رحمه الله ، فالشعبي ولد عام 19 وتوفي سنة 104 هجري ، وأما إبراهيم هذا فكان في خلافة المقتدر سنة 295 هجري حتى سنة 320 هجري.

وينظر: "معجم المؤلفين" لعمر رضا كحالة .

وبالتالي فإن الإسناد فيه إعضال .

وذكر الخبر أيضًا: أبو المظفر يوسف بن قزعلي الملقب سبط ابن الجوزي في كتابه "مرآة الزمان في تواريخ الأعيان" (6/207) فقال:

قال ابن الكلبي: " رأى أمير المؤمنين في بعض أيام صفّين عمرو بن العاص في جانب العسكر ولم يَعرفه ، فحمل عليه ، فطعنه فسقط ، فبدتْ عورتُه فاستقبل بها أميرَ المؤمنين ، فأعرض عنه ، وعَرفه وقال له : ويلك يا ابنَ النّابغة ، أنت طَليق دُبُرِك أيَّامَ عُمرك ، وكان قد تكرَّر منه ذلك " انتهى.

وهذا خبر لا إسناد له ، وصاحب الكتاب يوسف بن قزعي سبط ابن الجوزي رافضي ضعيف جدًا.

قال الذهبي: " ألف كتاب مرآة الزمان ، فتراه يأتي فيه بمناكير الحكايات، وما أظنه بثقة فيما ينقله ، بل يخسف ويجازف ، ثم إنه يترفض " .

وقال : قال الشيخ محيي الدين السوسي : لما بلغ جدي موت سبط ابن الجوزي قال: لا رحمه الله ، كان رافضيًا . 

انتهى من "ميزان الاعتدال" للذهبي (4/471).

والحاصل :

أن هذه القصة لا يثبت لها إسناد ، وهي منكرة متنًا ، ويبدو أنها من وضع الشيعة الروافض ، فلا يجوز نشرها ، وإنما يجب التحذير منها وبيان عدم ثبوتها .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب