أولا:
الصلاة لا تسقط على من عقله معه، فيلزمه أن يصليها قائما، فإن لم يستطع فقاعدا، فإن لم يستطع فعلى جنب أو مضطجعا.
ويلزمه أن يتطهر من النجاسة في ثيابه وفراشه، وأن يتوضأ، فإن لم يستطع ذلك بنفسه، أعانه غيره مجانا إن وجد، وإلا لزمه أن يستأجر من يعينه.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/ 61) عن استئجار المريض لمن يساعده في تطهير النجاسة: "متى قدر عليه، ولو بأجرة يقدر عليها: لزمه"، وقال: "فإن عجز، صلى على حسب حاله" انتهى.
وقال في (1/ 102): " (وإذا وَجد الأقطع، ونحوه) كالأشل، والمريض الذي لا يقدر أن يوضئ نفسه، (من يوضئه) أو يغسله (بأجرة المثل، وقدر عليها، من غير إضرار) بنفسه أو من تلزمه نفقته: (لزمه ذلك)؛ لأنه في معنى الصحيح.
(وإن وجد من ييممه، ولم يجد من يوضئه: لزمه ذلك)، كالصحيح يقدر على التيمم دون الوضوء.
(فإن لم يجد) من يوضئه ولا من ييممه، بأن عجز عن الأجرة، أو لم يقدر على من يستأجره: (صلى على حسب حاله). قال في المغني: لا أعلم فيه خلافا" انتهى.
ثانياً:
إن حصل خلل في العقل منع الإدراك، بحيث لا يدرك الطهارة والنجاسة، أو لا يميز الصلوات، أو يشرع في الصلاة ولا يتمها: سقط عنه التكليف بها، فلا يُلام على تقصيره ، ويقبل منه ما جاء به؛ لقول لنبي صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ رواه أبو داود (4403) والترمذي (1423) والنسائي (3432) وابن ماجه (2041) .
قَالَ أَبُو دَاوُد : رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ فِيهِ: وَالْخَرِفِ، والحديث صححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
والخرَف: هو فساد العقل بسبب كبر السن .
"قَالَ السُّبْكِيّ : الخرف زَائِد عَلَى الثَّلَاثَة ، وَهَذَا صَحِيح ، وَالْمُرَاد بِهِ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي زَالَ عَقْله مِنْ كِبَر ؛ فَإِنَّ الشَّيْخ الْكَبِير قَدْ يَعْرِض لَهُ اِخْتِلاط عَقْل يَمْنَعهُ مِنْ التَّمْيِيز ، وَيُخْرِجهُ عَنْ أَهْلِيَّة التَّكْلِيف ، وَلا يُسَمَّى جُنُونًا ; لأَنَّ الْجُنُون يَقْبَل الْعِلاج ، وَالْخَرَف بِخِلافِ ذَلِكَ , وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيث : ( حَتَّى يَعْقِل ) ؛ لأَنَّ الْغَالِب أَنَّهُ لا يَبْرَأ مِنْهُ إِلَى الْمَوْت , وَلَوْ بَرِئَ فِي بَعْض الأَوْقَات بِرُجُوعِ عَقْله، تَعَلَّقَ بِهِ التَّكْلِيف " انتهى باختصار من " عون المعبود وحاشية ابن القيم "(12 / 52).
فإذا كانت جدتك مدركة، وعقلها معها، لزمها الطهارة والصلاة.
وإذا فقدت الإدراك سقطت عنها.
وإذا كانت تدرك زمنا، ويذهب إدراكها زمنا، لزمتها الصلاة في وقت إدراكها.
وتصلي حسب استطاعتها، ويسقط عنها ما لا تستطيعه.
والله أعلم.