الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

هل يصح خبر في أسماء الكواكب التي رآها يوسف عليه السلام في منامه؟

435649

تاريخ النشر : 23-02-2023

المشاهدات : 6696

السؤال

ما صحة هذا الحديث: حدثني علي بن سعيد الكندي، قال: حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر، قال: "أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من يهود يقال له: بستانة اليهودي، فقال له: يا محمد، أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف ساجدةً له، ما أسماؤها؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يجبه بشيء، ونزل عليه جبرئيل، وأخبره بأسمائها. قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فقال: (هل أنت مؤمن إن أخبرتك بأسمائها؟) قال: نعم! فقال: (جربان والطارق، والذيال، وذو الكنفات، وقابس، ووثاب وعمودان، والفليق، والمصبح، والضَّروح، وذو الفرغ، والضياء، والنور) فقال اليهودي: "والله إنها لأسماؤها!"؟

الجواب

الحمد لله.

هذا الخبر قد بيّن ابن كثير رحمه الله تعالى في "التفسير" (4 / 370) أنه نقله عن ابن جرير الطبري، حيث قال:

" وقد جاء في حديثٍ تسمية هذه الأحد عشر كوكبا -فقال الإمام أبو جعفر بن جرير " فساق الخبر.

والخبر عند ابن جرير الطبري في "التفسير" (13 / 10 - 11)، قال:

" وذُكِر أنّ الأحد العشر الكوكب الّتي رآها في منامه ساجدة مع الشّمس والقمر، ما حدّثني: عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حدثَنَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: ( أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ يُقَالُ لَهُ بُسْتَانَةُ الْيَهُودِيُّ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَآهَا يُوسُفُ سَاجِدَةً لَهُ، مَا أَسْمَاؤُهَا؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ جبريلُ وَأَخْبَرَهُ بِأَسْمَائِهَا، قَالَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ مُؤْمِنٌ إِنْ أَخْبَرْتُكَ بِأَسْمَائِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: حَرْثَانُ، وَالطَّارِقُ، وَالذَّيَّالُ، وَذُو الْكَنفَانِ، وَقَابِسٌ، وَوَثَّابُ، وَعَمُودَانِ، وَالْفَيلقُ، وَالْمُصْبَحُ، وَالصروحُ، وَذُو الْفَرْعِ، وَالضِّيَاءُ، وَالنُّورُ.

فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَسْمَاؤُهَا ) " انتهى.

وفيه الحكم بن ظهير: متروك الحديث.

قال البخاري رحمه الله تعالى:

" الحكم بْن ظهير أَبُو مُحَمَّد الفزاري الكوفي، عن السدى وعاصم، تركوه؛ منكر الحديث " انتهى من "التاريخ الكبير" (2 / 345).

ولهذا نص ابن كثير على ضعفه وعدم صحته، حيث قال رحمه الله تعالى:

" ورواه البيهقي في "الدلائل"، من حديث سعيد بن منصور، عن الحكم بن ظهير.

وقد روى هذا الحديث الحافظان أبو يعلى الموصلي وأبو بكر البزار في مسنديهما، وابن أبي حاتم في تفسيره، أما أبو يعلى فرواه عن أربعة من شيوخه عن الحكم بن ظهير، به...

تفرد به الحكم بن ظهير الفزاري، وقد ضعفه الأئمة، وتركه الأكثرون، وقال الجوزجاني: ساقط، وهو صاحب حديث حسن يوسف " انتهى من "تفسير ابن كثير" (4 / 370).

وقد علّق محقق الكتاب – ط دار طيبة - على قول ابن كثير هذا، بقوله:

" لم يتفرد به بل توبع، فرواه الحاكم في "المستدرك" (4 / 396) من طريق طلحة [ الصواب عمرو بن حماد بن طلحة ]، عن أسباط بن نصر، عن السدي، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر به نحوه، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" قال الزيلعي: "وسند الحاكم وارد على البزار في قوله: لا نعلم له طريقا غيره، وعلى البيهقي في قوله: تفرد به الحكم بن ظهير ولهما عذرهما" "تخريج الكشاف" (2 / 161) " انتهى.

وينظر أيضا للفائدة: " تفسير ابن كثير" ط أولاد الشيخ، حاشية التحقيق: (8/13).

تنبيهان:

الأول: ما وقع في كلام الحافظ ابن كثير، رحمه الله، في نقل كلام الجوزجاني: " وهو صاحب حديث حسن يوسف". كذا وقع في ط طيبة، وفي ط أولاد الشيخ (8/14)، وغيرها من طبعات الكتاب التي وقفنا عليها، وهو غلط.

وعبارة الجوزجاني المنقولة في كتب الرجال، على الصواب: " ساقط؛ لميله، وأعاجيب حديثه، وهو صاحب حديث نجوم يوسف." انتهى. كذا نقله "المزي" في "التهذيب" (7/101)، وابن حجر في "تهذيبه" (2/428)، والحافظ مغلطاي في "إكماله" (4/93).

الثاني: علق المعلمي رحمه الله تعالى على رواية الحاكم المذكورة بقوله:

" وقف الذهبي في تلخيصه، فلم يتعقبه، ولا كتب علامة الصحة، كعادته فيما يقر الحاكم على تصحيحه، والحاكم رواه عن محمد بن إسحاق الصفار، عن أحمد ابن محمد بن نصر، عن عمرو بن حماد، عن أسباط، وقد جزم الجوزجاني ثم العقيلي بأن الحكم بن ظهير تفرد به عن السدى، ومن طريق الحكم، ذكره المفسرون، مع أن تفسير أسباط عن السدى، عندهم جميعا، فكيف فاتهم منه هذا الخبر، ووقع للحاكم بذاك السند؟ هذا يشعر بأن بعض الرواة وهم، وقع له الخبر من طريق الحكم، ثم التبس عليه فظنه من طريق أسباط، كالجادة، والله أعلم " انتهى. "الفوائد المجموعة" (ص 464).

وهذا التنبيه له قوة ووجاهة.

فالذي يترجح أن هذا الخبر ليس له إسناد صحيح.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب