أولا:
لا حرج في شراء السيارة بالمزاد إذا أمكن فحصها أو معرفة صفاتها قبل الشراء؛ لتحريم بيع الغرر؛ لما روى مسلم (1513) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ".
ولا حرج في بيع المزايدة؛ لأن الأصل جواز البيع ، إلا ما نهى عنه الشرع .
وروى النسائي (4508) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ قَدَحًا وَحِلْسًا فِيمَنْ يَزِيدُ".
والحلس: كساء رقيق يجعل تحت برذعة البعير.
ورواه أبو داود (1641) والترمذي (1218) وابن ماجه (2198) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: " أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى؛ حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ، وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ. قَالَ: ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ. فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ، وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ ... "، والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".
وقال البخاري رحمه الله: " باب بيع المزايدة، وقال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم فيمن يزيد " انتهى.
ثانيا:
إذا تم الشراء صار الثمن دينا في ذمة المشتري، فلا يجوز فرض غرامة على التأخر في سداده؛ لأن ذلك ربا.
لكن نظرا لأن التعاملات في بلاد الغرب يكثر فيها هذا الشرط الربوي، فقد رخص بعض أهل العلم في الدخول في العقد المشتمل عليه مع التحرز من التأخير.
وقد سبق أن عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" بطاقة الفيزا تشتمل على شرط ربوي إذا تأخرت عن التسديد جعلوا عليّ غرامة لكن المكان الذي أقيم فيه في أمريكا لا يمكن لي أن أستأجر سيارة ولا محلا وكثير من الخدمات العامة لا تمكن إلا ببطاقة الفيزا وإذا لم أتعامل بها أقع في حرج كبير لا أطيقه، فهل التزامي بالتسديد في وقت معين حتى لا يصبح عليّ ربا يبيح لي التعامل بهذه البطاقة في وضع الحرج الذي أعيش فيه؟
فأجاب بما يلي: إذا كان الحرج متيقنا واحتمال التأخير عن التسديد ضعيف، فأرجو أن لا يكون فيها بأس.
سؤال: هل الشرط الربوي الفاسد يُبطل العقد أم لا؟
الجواب: وإن كان في العقد شرط باطل فإنه لا يُبطل العقد لأمور:
الضرورة، ولأنه لا يتحقق لأن الرجل غالب على ظنه أنه سيوفي، فمن أجل أنه غالب على ظنه أنه سيوفي والشرط غير متحقق ومن أجل الضرورة - وهذه هي النقطة الأخيرة والمهمة - فأرجو أن لا يكون في هذا بأس؛ لأن عندنا أمرا متحققا وهو الضرورة وعندنا أمر مشكوك فيه وهو التأخر، فمراعاة المتيقن أولى. والله أعلم " انتهى.
وعليه، فنرجو ألا يكون عليك حرج في الشراء من هذا المزاد مع وجود هذا الشرط الربوي إذا أخذت بأسباب الاحتياط حتى لا تتأخر عن السداد .
والله أعلم.