هل يرخص بالتعاقد مع جهة تشترط غرامة على التأخر في السداد عند الحاجة؟

السؤال: 435802

نحن نعمل في تجارة السيارات المستوردة من كندا، ولدينا السؤال التالي:
يتم شراء السيارات عن طريق المزادات الموجودة في كندا بدخول المزادات عن طريق الإنترنت، ونقوم بالمزايدة على السيارات إلى أن تصل للسعر المناسب لنا، وفي هذه الحالة يوجد احتمالان: إما نخسر المزايدة، ويفوز غيرنا بشرائها، أو نفوز بالمزايدة، ويتم رسوها علينا، وعندها يترتب علينا تحويل ثمن السيارة مباشرة إلى التاجر الوسيط الموجود في كندا، ليقوم بدوره بدفع ثمن السيارة إلى المزاد الذي تم شراء السيارة عن طريقه، علما بأن قانون المزاد ينص على إنه يجب علينا سداد ثمن السيارة خلال مدة معينة كمثال أسبوع بدون أية فوائد، وإذا تأخرنا في عملية سداد ثمن السيارة عن الأسبوع يقوم المزاد بفرض غرامة تأخير سداد ثمن السيارة، وهذه الغرامة في عرف المزاد قد تكون فائدة محرمة، ولكن نحن حريصون جدا على سداد ثمن السيارة قبل انتهاء المهلة الممنوحة لنا؛ حتى لا نقع في غرامة التأخير التي قد تكون فوائد محرمة.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

لا حرج في شراء السيارة بالمزاد إذا أمكن فحصها أو معرفة صفاتها قبل الشراء؛ لتحريم بيع الغرر؛ لما روى مسلم (1513) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ".

ولا حرج في بيع المزايدة؛ لأن الأصل جواز البيع ، إلا ما نهى عنه الشرع .

وروى النسائي (4508) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ قَدَحًا وَحِلْسًا فِيمَنْ يَزِيدُ".

والحلس: كساء رقيق يجعل تحت برذعة البعير.

ورواه أبو داود (1641) والترمذي (1218) وابن ماجه (2198) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: " أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟  قَالَ: بَلَى؛ حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ، وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ. قَالَ: ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟  مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ. فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ، وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ ... "، والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".

وقال البخاري رحمه الله: " باب بيع المزايدة، وقال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم فيمن يزيد " انتهى.

ثانيا:

إذا تم الشراء صار الثمن دينا في ذمة المشتري، فلا يجوز فرض غرامة على التأخر في سداده؛ لأن ذلك ربا.

لكن نظرا لأن التعاملات في بلاد الغرب يكثر فيها هذا الشرط الربوي، فقد رخص بعض أهل العلم في الدخول في العقد المشتمل عليه مع التحرز من التأخير.

وقد سبق أن عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

" بطاقة الفيزا تشتمل على شرط ربوي إذا تأخرت عن التسديد جعلوا عليّ غرامة لكن المكان الذي أقيم فيه في أمريكا لا يمكن لي أن أستأجر سيارة ولا محلا وكثير من الخدمات العامة لا تمكن إلا ببطاقة الفيزا وإذا لم أتعامل بها أقع في حرج كبير لا أطيقه، فهل التزامي بالتسديد في وقت معين حتى لا يصبح عليّ ربا يبيح لي التعامل بهذه البطاقة في وضع الحرج الذي أعيش فيه؟

فأجاب بما يلي: إذا كان الحرج متيقنا واحتمال التأخير عن التسديد ضعيف، فأرجو أن لا يكون فيها بأس.

سؤال: هل الشرط الربوي الفاسد يُبطل العقد أم لا؟

الجواب: وإن كان في العقد شرط باطل فإنه لا يُبطل العقد لأمور:

الضرورة، ولأنه لا يتحقق لأن الرجل غالب على ظنه أنه سيوفي، فمن أجل أنه غالب على ظنه أنه سيوفي والشرط غير متحقق ومن أجل الضرورة - وهذه هي النقطة الأخيرة والمهمة - فأرجو أن لا يكون في هذا بأس؛ لأن عندنا أمرا متحققا وهو الضرورة وعندنا أمر مشكوك فيه وهو التأخر، فمراعاة المتيقن أولى. والله أعلم " انتهى.

وعليه، فنرجو ألا يكون عليك حرج في الشراء من هذا المزاد مع وجود هذا الشرط الربوي إذا أخذت بأسباب الاحتياط حتى لا تتأخر عن السداد .

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android