0 / 0
87916/ذو القعدة/1446 الموافق 14/مايو/2025

تجهيز الوالدين للعروس هل هو من باب النفقة أو الهدية؟

السؤال: 436124

أنا سيدة متزوجة من 14 سنة، وأمي ساعدتني في جهازي بمجموعة من الملابس، والآن أختي الصغيرة تريد من أمي أنا تساعدها مثلي، إلا إنها لا تريد من أمي ان تحضر لها مثلى من الملابس، بل تريد أن تحسب سعر الذهب في هذا الوقت، وتأخذ مثله بسعر الوقت الحالي لتستفيد بفارق السعر الكبير، وتشتري ملابس وأشياء أكثر مني.
فهل هذا يجوز خصوصا إن سعر الذهب تضاعف حوالى 10 مرات، بينما سعر ملابس لم يرتفع إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف بحد أقصى؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا :

في بعض المجتمعات – كبلد السائلة- تشارك الزوجة في أثاث البيت ، وتشتري الملابس الخاصة بها ، وبعض الأجهزة ... ونحو ذلك ، ويتحمل الزوج أشياء أخرى يتم الاتفاق عليها .

وفي هذه الحالة ، إذا كانت الزوجة لا مال لها – كما هو الغالب ، فالذي يتولى تجهيزها هو والدها ووالدتها ، وحينئذ يكون ما ينفقه الوالدان على تجهيزها هو من باب النفقة، وليس من باب الهدية أو العطية ، والواجب في النفقة على الأولاد أن تكون بقدر كفاية المنفق عليه ، وليس لها مقدار محدد.

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " العدل بين الذكور والإناث بما عدل الله به عز وجل في قوله : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) النساء/11 . فإذا أعطيت الذكر ريالين ، أعط الأنثى ريالا , لكن العدل في النفقة أن تعطي كل واحد ما يحتاج إليه ، قد تحتاج الأنثى إلى ثياب تساوي مائتي ريال ، والذكر يحتاج إلى طاقية تساوي عشرة ريالات ، على كل حال أعط هذا ما يحتاج وهذه ما تحتاج ، كما أنه لو احتاج أحدهما إلى الزواج زَوِّجْه ولا تعط الآخرين مثله ، إلا من بلغ حد الزواج فزَوِّجْه. هذه مسألة النفقة ، العدل فيها أن تعطي كل واحد ما يحتاج .

وأما التبرع المحض فالعدل أن تعطي الذكر ضعف ما تعطي الأنثى كما قسم الله بينهما كذلك في الميراث" انتهى.

وينظر السؤال رقم: (85347) .

وعلى هذا ؛ فإذا أنفقت الأم على الفتاة الكبرى عند تزويجها ، فإنها ستفعل الأمر نفسه مع الصغرى عند زواجها ، ويكون ذلك مقدرا بحاجة الصغرى ، وبقدرة الأم المالية ، حيث :  لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا  البقرة/286.

وبناء على هذا ؛ فلا ينظر إلى ما أنفقته الأم على البنت الكبرى قبل ذلك ، لأن المعتبر هو الكفاية بدون تقدير بحد معين .

فإذا كانت البنت في حاجة إلى ثلاثة أثواب – مثلا – فإن الأم تأتي لها بذلك ، ولا تزيد .

ولا يلزمها أن تفعل ما تطلبه البنت من حساب ما أنفقته على أختها الكبرى قبل سنوات بسعر الذهب ... إلخ ، فإن هذا من الظلم ، لأن هذا سيؤدي إلى أن تنفق الأم على البنت الصغرى أكثر مما تحتاج إليه ، وهذا ينافي العدل الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم .

ثانيا :

أما في المجتمعات التي يتكفل الزوج فيها بجميع تكاليف الزواج ، حتى الثياب الخاصة بالزوجة، فما يعطيه الوالدان للزوجة في هذه الحالة هو هبة ، تطبق عليه أحكام هبة الوالدين للأولاد .

قال المرداوي رحمه الله في بيان أن الهبة تنعقد بالفعل ولا يشترط التلفظ ولا الإيجاب والقبول ، قال :

"الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الهِبَةَ كبَيْعِ المُعَاطاةِ، ... فمتى قُلْنا بالصِّحَّةِ، يكونُ تَجْهِيزُ ابْنَتِه بجَهاز إلى زَوْجِها تمْلِيكًا، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قالَه فى الفُروعِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ ابن تيمية: تَجْهِيزُ المرْأةِ بجَهازٍ إلى بَيْتِ زَوْجِها تَمْليكٌ" "الإنصاف" (11/15). يعني بذلك أنها هبة تملكها المرأة .

والواجب على الوالدين أن يعدلا في الهبة التي يعطونها للأولاد .

وطريق العدل : أن يعطي الذكر ضعف الأنثى ، كما في قسمة الميراث ، وقد سبق بيان ذلك بأدلته في جواب السؤال رقم: (22169).

وعلى هذا ؛ فإذا تزوجت إحدى البنات ، وأعطتها أمها بعض الهدايا ، فيجب عليها أن تعطي سائر بناتها مثلها ، وتعطي الذكور ضعفها .

ولها في ذلك طريقتان :

الأولى: أن تعطي سائر أولادها في الوقت نفسه .

الثانية: أن تتفق معهم على تأجيل هديتهم إلى حين زواجهن ، فتأتي لهن بمثل ما أتت لمن تزوجت من قبل ، ففي الأشياء العينية كالأجهزة والأثاث والثياب ونحوها ، تأتي لهن بمثل ما أتت للأولى ، ولا ينظر إلى القيمة ولا الثمن .

فإذا اشترت لهذه ثيابا ، تشتري للأخرى مثلها ... ونحو ذلك .

وفي النقود ، لو أعطت الأولى نقودا ، فتعطي الثانية نقودا ، وينبغي أن تراعي في هذا انخفاض قيمة النقود ، فتزيد الأخرى حتى تحصل المساواة والعدل .

والحاصل:

أنه على أي من الحالين، وسواء قلنا: إن ما أعطته الأم لابنتها الأولى: هو من النفقة الواجبة، أو قلنا: إنه من الهبة والعطية، فلا معنى لتقدير قيمة هذه الثياب ولا العطايا بالذهب، لا بثمنه الآن، ولا بثمنه عند الشراء، وإنما تقدر هذه النفقة، أو هذه الهبة، بالمثل، فإذا أحضرت الأم لابنتها الأولى، فإنها تحضر لابنتها الثانية من "الثياب"، مثل ما أحضرته للأولى، أو ما يقاربه، قدر الإمكان.

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android