يلزم المخطيء في حوادث السير ضمان ما أتلف من نفس أو مال، وحيث إنك من أصاب السيارة التي أمامه، وجعلها تصدم ما أمامها، فيلزمك إصلاح ما تلف من السيارتين.
ولا يجوز الادعاء بأن المخطيء هو صاحب السيارة (الكيا)؛ لما في ذلك من الكذب والغش وأكل مال شركة التأمين بالباطل، وكل ذلك محرمات لا تخفى.
وعليه؛ فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى، ورد المال الذي دفعته شركة التأمين إليها.
فإن لم يمكن الوصول إليها، أو تعذر إعطاؤها المال لرفض صاحب سيارة الكيا الاعتراف بكذبه، أو لعدم تمكنك من الوصول إليه: لزمك أن تتصدق به على الفقراء والمساكين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "المال إذا تعذر معرفة مالكه صرف في مصالح المسلمين عند جماهير العلماء كمالك وأحمد وغيرهما.
فإذا كان بيد الإنسان غصوب أو عوارٍ أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم، أو يصرفها في مصالح المسلمين، أو يسلمها إلى قاسم عادل يصرفها في مصالح المسلمين المصالح الشرعية.
ومن الفقهاء من يقول: توقف أبدا حتى يتبين أصحابها؟ والصواب الأول؛ فإن حبس المال دائما لمن لا يرجى: لا فائدة فيه؛ بل هو تعرض لهلاك المال واستيلاء الظلمة عليه.
وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن، فخرج فلم يجد البائع ، فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن، ويقول: اللهم عن رب الجارية، فإن قبل فذاك ، وإن لم يقبل فهو لي وعليَّ له مثله يوم القيامة.
وكذلك أفتى بعض التابعين من غَلَّ من الغنيمة، وتاب بعد تفرقهم: أن يتصدق بذلك عنهم، ورضي بهذه الفتيا الصحابة والتابعون الذين بلغتهم كمعاوية وغيره من أهل الشام" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 321).
والله أعلم.