الحمد لله.
من سافر مسافة قصر، ونوي الإقامة أكثر من أربعة أيام، كان في حكم المقيم، ولزمه أن يتم الصلاة.
ولا حرج أن يتعمد العودة إلى بلده قبل بلوغ هذه المدة، ليتمكن من الترخص بالقصر والجمع؛ لأن أصل سفره لغرض غير القصر.
وقد نص الشافعية على أنه لو سافر لغرض صحيح، مع قصد استباحة القصر، فله القصر.
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: " ولو كان لمقصِده طريقان: طريق طويل، أي مرحلتان، وطريق قصير، أي دونهما، فسلك الطويل لغرض، كسهولة، أو أمن، أو زيارة، وإن قصد مع ذلك استباحة القصر، وكذا لمجرد تنزُّه، على الأوجه؛ لأنه غرض مقصود؛ إذ هو إزالة الكدورة النفسية برؤية مستحسن يشغلها به عنها: قصر، لوجود الشرط.
وإلا يكن له غرض صحيح، وكذا إن كان غرضه القصر فقط: فلا يقصر في الأظهر؛ لأنه طوله على نفسه من غير غرض، فأشبه من سلك قصيرا وطوله على نفسه بالتردد فيه حتى بلغ قدر مرحلتين " انتهى مختصرا من "تحفة المحتاج" (2/381).
وأفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بجواز أن يتأخر عن دخول بلده ليقصر ويجمع.
سئل رحمه الله: " إذا كان الإنسان مسافراً، ثم أقبل على بلده، يريد أن يجمع ويقصر -مثلاً- الظهر والعصر، ولكن في ظنه أنه يصل إلى بلده قبل وقت العصر ثم يأتي وينام ويترك صلاة العصر؟
الشيخ: لكنه قد صلاها؟
السائل: قد صلاها مع الظهر، فهل يحق له أن يصليها مع الظهر؟
الشيخ: أقول: الإنسان مادام لم يصل إلى بلده، ويدخل البلد فعلاً؛ فله الترخص برخص السفر، من الجمع والقصر، ولهذا صلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ركعتين، وقد أقبل على الكوفة. فقالوا: "يا أمير المؤمنين! هذه الكوفة! فقال: إنا لم ندخلها".
فيجوز للإنسان أن يترخص برخص السفر كلها، حتى يدخل البلد، فإذا صلى العصر مع الظهر، ودخل البلد قبل العصر، فله أن ينام ولا حرج عليه؛ لأنه أبرأ ذمته" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (179/42).
ويشهد لهذا أيضا ما ذكرت من فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله، وهي منشورة في موقعه.
والحاصل:
أن لك تقصير مدة الإقامة في بلد السفر، حتى يتاح لك الترخص برخص السفر.
والله أعلم.
تعليق