إذا نقلت بقايا جسد الميت إلى قبر جديد، فأي قبر يزار؟

السؤال: 439281

أبي متوفي منذ أكثر من 10 سنوات، وحسب تعليمات الحكومة لابد من نقل رفاته إلى قبر آخر، السؤال أي قبر يتم الزيارة لنا القديم أم الجديد، مع العلم إن الرفات أصبحت عظام مجمعة داخل القبر القديم مع آخرين؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أجاز الشرع نبش القبور ونقل ما تبقى من أجساد الموتى إلى قبور أخرى إن دعت إلى ذلك حاجة مشروعة.

ومما يدل على ذلك حديث جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: مَا أُرَانِي إِلاَّ مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا، فَاقْضِ ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا. فَأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً، غَيْرَ أُذُنِهِ " البخاري (1351).

قال الحافظ ابن حجر : " وفي حديث جابر دلالة على جواز الإخراج لأمر يتعلق بالحي " انتهى. "فتح الباري" (3/ 215) .

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (32 / 252):

" اتفق الفقهاء على منع نبش القبر إلا لعذر وغرض صحيح " انتهى.

وطالع للفائدة جواب السؤال رقم: (306355).

والقبور إذا نبشت وأزيل منها بقايا الجثث زالت عنها أحكام المقابر، وتأخذ حكم ما يقام في موضعها من منشآت.

ولهذا لما أزيلت مقابر المشركين، وأقيم فيها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، زالت عن هذه البقعة أحكام القبور، وأخذت أحكام المسجد.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى المَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ، فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: (يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا)، قَالُوا: لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ: قُبُورُ المُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ، فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ، وَهُوَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ ) رواه البخاري (428) ومسلم (524).

فالحكم الشرعي إذا علّق على وجود شيء فإنه يزول بزول هذا الشيء.

وبناء على ذلك؛ فإذا نبش القبر، وأزيل ما بقي فيه من جسد المتوفى: لم يعد المكان القديم قبرا، إذا لم يبق فيه شيء من رفات الموتى. أو لم يعد قبرا لهذا الشخص المعين، الذي نقلت رفاته منه، ويصبح القبر المكان الجديد الذي ينقل إليه المتبقي من جسد المتوفي، فهو الذي يأخذ أحكام زيارة القبور.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android