هل يجوز للمرأة أن تحسب ما تصرفه على بيت زوجها من الزكاة؟

السؤال: 440300

زوجي ليس له مورد رزق غير معاشه، ولا يكفي أي شيء، وأنا تقريبا من يصرف على البيت، من أكل، وشرب، وفواتير، إلا القليل الذي يدفعه زوجي، أصرف مرتبي، وعائد شهادات في البنك هي كل ما لدي على البيت، وبناتي متزوجات، ولكن يأتون عندي في بعض الأحيان، وأنا لا يتبقى لدي ما أدفعه للزكاة، فهل لي أن أعتبر ما أصرفه في البيت من زكاة المال؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

لوجوب الزكاة على المسلم يشترط أن يبلغ المال النصاب ويمر عليه الحول وهو عام هجري وهو في ملكه.

قال ابن القطان الفاسي رحمه الله تعالى:

" والعلماء متفقون على أن الحول إذا حال على ما تجب في مثله الزكاة وهو في يدي مالكه أن الزكاة واجبة عليه " انتهى. "الإقناع في مسائل الإجماع" (1 / 201).

فإذا كنت تنفقين أموالك كلها على زوجك وبناتك قبل مرور العام على المال، فلا تجب عليك الزكاة في هذه الحال.

وهكذا الحال، لو كنت تنفقين منها، وبقي لك شيء، لكنه لا يبلغ النصاب؛ فلا زكاة عليك.

وإذا احتسبت الأجر فإنه يكتب لك أجر الصدقة إن شاء الله تعالى.

عن عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ زَيْنَبَ - امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم وهي راغبة في الصدقة بمال لها: ( أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي، وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي؟

قَالَ: نَعَمْ، ولَهَا أَجْرَانِ: أَجْرُ القَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ ) رواه البخاري (1466) ومسلم (1000).

وعَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ ) رواه النسائي (2582) والترمذي (658) وقال: " وَفِي البَابِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. حَدِيثُ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ " انتهى.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (289114).

ثانيا:

فإذا تحقق شرط الوجوب، وهو أن يتبقى معك مال يبلغ نصاب الزكاة، سواء كان نقود في يدك، أو ذهب، أو فضة، أو أصول نقدية، كما ذكرت عن شهادات الاستثمار في البنك، وأن يمضي على هذه الأموال عام وهي في ملكك، فإنه تجب عليك الزكاة في هذه الحال.

ودفعها لزوجك وبناتك لا حرج فيه؛ لأنك لست مسؤولة عن نفقتهم، فيجوز لك أن تتصدقي عليهم بمال الزكاة، كما مرّ في حديث زينب رضي الله عنها.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (43207)، ورقم: (107594).

لكن يشترط لهذا:

الأمر الأول: أن يكونوا محتاجين لا تكفيهم أموالهم لدفع حاجاتهم الأساسية ، كالمطعم والملبس، أو عليهم ديون لا قدرة لهم على دفعها.

الأمر الثاني: يشترط لصحة إخراج الزكاة، النية، فلا يصح أن يتبرع المسلم بمال على قرابته بنية الهدية، ونحو هذا؛ ثم بعد ذلك يخصمه من الزكاة، بل يجب أن تكون نية الزكاة حاضرة عند تسليم المال للمحتاج.

لحديث رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1) ومسلم (1907).

الأمر الثالث: أن يملّكوا مال الزكاة، ليتصرفوا فيه بحسب حاجاتهم، كما سبق بيان هذا في عدد من الأجوبة كجواب السؤال رقم: (42542).

وهذا هو الأصل؛

فإن تعذر أن تعطي زكاة مالك لزوجك، بنية الزكاة، وهو ينفقه النفقة الواجبة؛ إما لأنه يستنكف من ذلك، أو يأخذه فيضيعه في غير النفقة، ويبقى عياله ضائعين؛ فنرجو ألا يكون عليك حرج في أن تنفقي من مالك على زوجك، ومن تلزمه نفقته، بنية زكاة مالك.

وينظر جواب السؤال رقم: (138684).

لكن هذا كله فيما يستقبل.

وأما ما سبق من نفقتك، من غير نية الزكاة: فاجعليها صدقة، واستأنفي الزكاة ، بنيتها، فيما تستقبلين من النفقة.

ثالثا:

ينبغي الانتباه إلى أنه لا يحل لك أن تضعي أموالك في شهادات استثمار في بنك ربوي، لأن ذلك معناه أنك تدخلين مع البنك في هذه المعاملة الربوية.

ولا يجوز وضعها في شهادات استثمار في بنك لا يلتزم بأحكام الشريعة في معاملاته، ولو سمى نفسه إسلاميا، كما هو الحال في معاملات أكثر البنوك في بلد السائلة، أو عامتها.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (106151)، ورقم: (277594).

ومن كان جاهلا بالتحريم، فإنما يحل له ما أخذه من أرباح مدة جهله فقط، ومتى علم بالتحريم: وجب عليه إنهاء المعاملة، والامتناع عن الانتفاع بالأرباح من حين علمه بالتحريم. قال الله تعالى: ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْۚ فَمَن جَآءَهُۥ مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُۥ مَا سَلَفَ وَأَمۡرُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَنۡ عَادَ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ * يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ [البقرة: 275-277].

وينظر جواب السؤال رقم: (406756).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android