الأربعاء 18 محرّم 1446 - 24 يوليو 2024
العربية

هل أول زمرة تدخل الجنة تكون من الرجال فقط؟

440435

تاريخ النشر : 17-01-2024

المشاهدات : 1954

السؤال

لا يمكن للمرأة أن يكون لها زوجات، فهل هذا يعني أنّ المرأة لن تكون من بين أول من يدخلون الجنة؟ لطالما أردتُ كامرأة أن أكونَ من بينِ أول من يدخلون الجنة.

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

أول من يدخل الجنة هو رسول الله عليه الصلاة والسلام، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ، لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ) أخرجه مسلم(197).

 وقد جاء عند الحاكم في "المستدرك" (4723) عن علي رضي الله عنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين)، إلا أن الحديث لا يصح، قال الذهبي في "التعليق": "الحديث منكر".

ثانيًا:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَا يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الْأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا).

والحديث رواه البخاري (3245)، ومسلم (2834).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وهذه أول زمرة، وهي أفضل الزُّمَر. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أول أهل الجنة دخولا هم هذه الأمة ثم الذين يلونهم على ألمع كوكب دري في السماء، يعني مثل أضوأ نجم في السماء، ثم الذين يلونهم على حسب مراتبهم. وفيه أيضا أن أهل الجنة يأكلون ويشربون، لكنهم لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون، لأن جميع فضلاتهم ليست كفضلات أهل الدنيا، إنما فضلاتهم تخرج رشحا يعني كالعرق أطيب من ريح المسك، وجشاء أطيب من رائحة المسك، لأنهم في نعيم مقيم.

ثم ذكر أيضا أدنى أهل الجنة منزلة وأعلاهم، وكلها تدل على فضل هذا النعيم، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهله.

أما أهل النار والعياذ بالله، فهم أسفل من ذلك.

وحق لعين ترجو الجنة ألا تنام، وحق لعين تخشى النار ألا تنام؛ لأن متاع الدنيا قليل، والآخرة خير لمن اتقى، ولكن حكمة من الله عز وجل، وابتلاء وامتحان: أن الناس في هذه الدنيا كأن لم يكن إلا الدنيا عند كثير من الناس، كأنما خلقوا لها، مع أن الدنيا هي التي خلقت لهم؛ إن الإنسان إنما خلق للآخرة، فهي الدار الباقية التي لا تفنى؛ فإما في جحيم وسعير والعياذ بالله، وإما في نعيم مقيم، نسأل الله لنا ولكم أن نكون من الصالحين، الذين أعد الله لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" انتهى، من "شرح رياض الصالحين" (6/729).

ثالثا:

ليس في الحديث أن أول زمرة تكون من الرجال فحسب، وإنما المقصود أن الرجال منهم تكون لكل رجل منهم زوجتان، وليس المقصود الإخبار عن أنهم جميعًا من الرجال.

بل إن راوي الحديث، أبا هريرة رضي الله عنه ، قد فهم من الحديث عكس ما ورد في السؤال، واستدل به على أن "النساء" يكونون في الجنة أكثر من الرجال.

فروى مسلم (2834) عن أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ – يعني: ابن سيرين - قَالَ: إِمَّا تَفَاخَرُوا وَإِمَّا تَذَاكَرُوا: الرِّجَالُ فِي الْجَنَّةِ أَكْثَرُ أَمِ النِّسَاءُ؟

فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَوَ لَمْ يَقُلْ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

( إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى أَضْوَإِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ، وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ ).

وعند الطبراني في "الأوسط" (643) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: افْتَخَرَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: النِّسَاءُ أَكْثَرُ فِي الْجَنَّةِ مِنَ الرِّجَالِ!!

فَنَظَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: أَتَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ؟

فَقَالَ -يعني: أبا هريرة - : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ..." فذكر الحديث.

وهذا معنى مفهوم ومعقول، إذا تقرر أن الجنة ليس فيها أعزب، لا زوجة له، كما دل عليه الحديث، ودل أيضا على أن الرجل لا يقتصر على زوجة واحدة، بل تكون له زوجتان ـ ؛ فينتج من ذلك: أن النساء المؤمنات، من أهل الدنيا: ضعف الرجال في الجنة .. إن لم يكن أكثر!!

قال النووي: " وهذا كله في الآدميات، وإلا؛ فقد جاء للواحد من أهل الجنة من الحور العدد الكثير" انتهى، من "شرح مسلم" (17/172).

وانظر تقرير ذلك المعنى في "طرح التثريب" لأبي زرعة العراقي، رحمه الله (8/270).

وقد أخرج مسلم في صحيحه (855) من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة...).

فرسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر أن أمته أول من يدخل الجنة، وأمته، بلا إشكال: من الرجال والنساء جميعا؛ فكذلك أول زمرة تدخل الجنة تكون من الرجال ومن النساء.

وعلى ذلك؛ فما تتمنينه من أن تكوني من أول زمرة تدخل الجنة؛ ممكن الحدوث بفضل الله ورحمته؛ فاجتهدي في التقرب إلى الله وسؤاله تلك المنازل العليا.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (135085)، ورقم: (147374)، ورقم: (174528).

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب