الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

هل استلام إيصال عند شراء الذهب يكفي عن القبض؟

441609

تاريخ النشر : 26-03-2023

المشاهدات : 3223

السؤال

ذهبت لأشتري جنيهات ذهب بمبلغ من المال بغرض الادخار و حفظ قيمة المال بطريقة شرعية .. و لكن قال لي البائع أنني سأدفع المبلغ و آخذ ايصال ثم أستلم الذهب بعد أسبوع لعدم توافره لأنه يقوم بطلبه و تسليم كل المشترين يوم الخميس من كل أسبوع .. فوافقت بحسن نية .. و بعدها بيومين قرأت بالصدفة على مواقع التواصل أن شراء الذهب مقدما حرام .. وعندما بحثت وجدت انه لابد من التسليم والتسلم يد بيد. والمفترض ان استلم الذهب الخميس القادم بالإيصال ولا أعرف كيف أتصرف؟ فما التصرف الصحيح في هذا الموقف؟ و هل لو ذهبت للتاجر وقت الاستلام و دفعت له نفس المبلغ الذي اشتريت به مرة أخرى وقت الاستلام و أخذت الذهب ثم استرديت المبلغ بالإيصال يكون هذا حلاً أم تلاعب ؟

الجواب

الحمد لله.

شراء الذهب بهذه الطريقة لا يجوز ، لعدم وجود التقابض، حيث دفعت الثمن ولم تستلم الذهب في مجلس العقد، بل تم تأجيل الاستلام بعد عدة أيام، وهذا محرم، وهو من صور الربا. فبيع وشراء الذهب بالعملات الورقية لابد أن يكون فيه التقابض يداً بيد، ولا يجوز فيها تأجيل الثمن أو المثمن؛ لأن الأوراق النقدية لها حكم الذهب الفضة، وقد جاء في حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (2970).

وجاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لمنظمة " المؤتمر الإسلامي ما نصه:

"بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتبارية ، فيها صفة الثمنية كاملة ، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما". انتهى من مجلة المجمع (العدد الثالث ج3 ص 1650، والعدد الخامس ج3 ص 1609).

وجاء في اللجنة الدائمة للإفتاء: "وإذا ‌كان ‌أحد ‌العوضين ‌ذهبا ‌مصوغا، ‌أو ‌نقدا، ‌وكان ‌الآخر ‌فضة مصوغة أو نقدا، أو من العمل الأخرى - جاز التفاوت بينهما في القدر، لكن مع التقابض قبل التفرق من مجلس العقد، وما خالف ذلك في هذه المسألة فهو ربا، يدخل فاعله في عموم قوله تعالى: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس الآية" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 484).

وعليه؛ فإن شراء الذهب ودفع ثمنه دون استلامه كاملاً: يعتبر من ربا النسيئة، وفي الحديث عن أبي المنهال. قال: "بَاعَ شَرِيكٌ لي وَرِقًا بنَسِيئَةٍ إلى المَوْسِمِ، أَوْ إلى الحَجِّ، فَجَاءَ إلَيَّ فأخْبَرَنِي، فَقُلتُ: هذا أَمْرٌ لا يَصْلُحُ، قالَ: قدْ بعْتُهُ في السُّوقِ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذلكَ عَلَيَّ أَحَدٌ، فأتَيْتُ البَرَاءَ بنَ عَازِبٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَقالَ: قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَنَحْنُ نَبِيعُ هذا البَيْعَ، فَقالَ: ما كانَ يَدًا بيَدٍ فلا بَأْسَ به، وَما كانَ نَسِيئَةً فَهو رِبًا، وَائْتِ زَيْدَ بنَ أَرْقَمَ، فإنَّه أَعْظَمُ تِجَارَةً مِنِّي، فأتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ، فَقالَ: مِثْلَ ذلك" رواه مسلم (1589).

وأما استلامك الإيصال، فهو إثبات أنّك تستحق ذلك الذهب الذي تمت المبايعة عليه، ولكنك لم تستلم الذهب فعليا؛ فليس هذا قبضا، ولا هو في حكم القبض.

وللخروج من هذا الإشكال الذي حصل وتصحيح المعاملة شرعاً، عليك أن تعيد للبائع الإيصال، وتأخذ منه النقود، فإذا تملك الذهب الذي سيبيعه لك، أجريت معه عقداً جديدًا بسعر اليوم الذي تتم في المعاملة.

وإن فات الوقت، ولم تتمكن من فسخ هذا البيع الفاسد لذلك، أو لغيره من الموانع؛ فخذ الذهب الذي تم تقييده لك في الإيصال، مع الاستغفار لما حصل منك، لأنك لم تعلم بتحريم هذه الصورة من التعامل إلا بعد ان أجريتها، وفي الآية الكريمة فَمَنْ جَاءَهُ ‌مَوْعِظَةٌ ‌مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة: 275].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأما الذي لا ريب فيه عندنا فهو : ما قبضه بتأويل أو جهل ، فهنا له ما سلف، بلا ريب ، كما دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار" انتهى من "تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء" (2/592).

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: " إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) ".
انتهى من "اللقاء الشهري" (67/ 19، بترقيم الشاملة).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب