الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

لماذا توجدُ لوحات لبعض علماء المسلمين مع أنها حرام؟

441733

تاريخ النشر : 06-03-2024

المشاهدات : 1989

السؤال

لماذا توجدُ لوحات/رسومات لبعض علماء المسلمين على الرغم من أنها حرام؟

الجواب

الحمد لله.

(1) سبق وبينا في جواب السؤال رقم (344172) حكم التصوير وصناعة التماثيل ، وتحريم الجمهور لها وتجويز بعض الفقهاء لنوع محدود منها وترجيح الصواب في ذلك فليُراجع.

(2) من المعروف المستقر عند المتخصصين أن الحضارة الإسلامية حضارة كلمة أكثر من كونها حضارة صورة؛ لأجل ذلك كانت معظم جوانب الفن الإسلامي تتعلق بالعمارة والخط والزخارف، وقليل جدًا منها ما نحى منحى الرسم والنحت، بل نص بعض المؤرخين على أن تحريم الكنيسة البيزنطية للصور والتماثيل كان فيه نوع من التأثر بالإسلام.

يقول الدكتور عبد المنعم ماجد في كتابه: "التاريخ السياسي للدولة العربية- عصر الخلفاء الأمويين" (ص/34): "وستتأثر عقيدة الدولة البيزنطية نفسها بدعوة الإسلام في منع عبادة الصور".

(3) ما تقدم لا يمنع وجود الرسم والصور المجسمة، لكن ذلك كان قليلًا بالقياس إلى مظاهر الحضارة الفنية الأخرى التي سبق الإشارة إليها، وهذا القليل يرجع إلى بيئة القصور والحكام والملوك في الدولة الأموية، وزاد قليلا في الدولة العباسية، ثم استشرى معظمه في زمن الفاطميين، ومن تأثر بهم ممن بعدهم من المماليك، وليس هذا مستغربًا على الفاطميين الذين خرجوا عن الشريعة في أصول الاعتقاد، وأشاعوا أنواعًا من الخرافات والشركيات الوثنية، والتي ناسبها أن يشيعوا التصوير والمجسمات وغيرها من الأمور التي حرمتها الشريعة سدًا لذريعة الشرك وتعظيم الأموات.

يقول د. سلامة محمد علي في بحثه: "نحت العناصر الحية في الفن الإسلامي": "الروح العربية كانت تعاف تلك الأشكال والطرز الغربية التي كانت تستورد على شكل تماثيل وصور مطبوعة على أقمشة وستور، مما يفعله التجار القادمون من بلاد الشام وبلاد اليمن، وتلك البلاد كانت وثنية تتعدد فيها الآلهة...

وترجع كراهية تمثيل الكائنات الحية في الفن الإسلامي كرغبة في البعد عن المظاهر الوثنية".

(4) يظهر مما تقدم أن الواقع الشرعي والقيمي للإسلام: كان منع التماثيل والتصاوير، وأن الخروج عن هذا الواقع، كان في بيئة الحكام التي كان يقع فيها أنواع من الخروج عن شرائع الإسلام، تفوق حتى مسألة التصاوير والتماثيل.

وكان يقوم بأعمال التصوير والتمثيل فنانون برعاية الدولة، ولم يثبت فيما نعلم أن أحدًا من علماء الشريعة والفقه والتفسير كان يعمل بصناعة الصور والتماثيل، كما يفهم من صيغة السؤال ، وإن ثبت ذلك فلعله وقع ممن يجيز هذا الأمر لا أنه كان ممارسة يقع فيها واحد من جمهور العلماء المحرمين لذلك.

ووقوع المخالفات الشرعية من بعض الحكام، أو في بعض الأوساط الاجتماعية: أمر مفهوم ، فالإنسان ليس معصوما من الآثام والخطايا ، فالمسلمون يطيعون ويعصون ، أما الإسلام نفسه في نظرياته وأحكامه وقيمه فهو ينهى عن هذه المخالفات ، ولم يتورط فيها بشكل منظم ومنهجي أحد من علماء المسلمين ؛ وإلا، فأين هذا التراث الفقهي الذي يؤصل لتلك الممارسات، أو يعترف بها؟!

أما إذا قام أحد بتصوير عالم من علماء المسلمين ، فهذا يتحمله من فعله ، سواء كان في الزمن الماضي أو في الحاضر، ولا إثم على العالم في ذلك ، ولا يلزم أن يكون مقرًّا له .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب