الحمد لله.
لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حطم الأصنام في الفترة المكية قبل الهجرة إلى المدينة.
وقد ورد في هذا خبر؛ لكنه ضعيف.
روى الإمام أحمد في "المسند" (2 / 73 - 74)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (21 / 47 — 48)، والنسائي في "السنن الكبرى" (7 / 451) وفي "خصائص علي" (ص 134)، والحاكم في "المستدرك" (2 / 366 - 367)، وغيرهم: عن نُعَيْم بْن حَكِيمٍ الْمَدَائِنِيّ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " انْطَلَقْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَيْنَا الْكَعْبَةَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْلِسْ! وَصَعِدَ عَلَى مَنْكِبَيَّ، فَذَهَبْتُ لِأَنْهَضَ بِهِ، فَرَأَى مِنِّي ضَعْفًا، فَنَزَلَ، وَجَلَسَ لِي نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: اصْعَدْ عَلَى مَنْكِبَيَّ! قَالَ: فَصَعِدْتُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، قَالَ: فَنَهَضَ بِي، قَالَ: فَإِنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي لَوْ شِئْتُ لَنِلْتُ أُفُقَ السَّمَاءِ، حَتَّى صَعِدْتُ عَلَى الْبَيْتِ، وَعَلَيْهِ تِمْثَالُ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ، فَجَعَلْتُ أُزَاوِلُهُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، حَتَّى إِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ، قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْذِفْ بِهِ! فَقَذَفْتُ بِهِ، فَتَكَسَّرَ كَمَا تَتَكَسَّرُ الْقَوَارِيرُ، ثُمَّ نَزَلْتُ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَبِقُ حَتَّى تَوَارَيْنَا بِالْبُيُوتِ، خَشْيَةَ أَنْ يَلْقَانَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" انتهى.
وتعقبه الذهبي بقوله: " إسناده نظيف، والمتن منكر " انتهى.
والحديث في إسناده أبو مريم ؛ وقد اختلف فيه:
فقيل: هو مجهول، كما في "تقريب التهذيب" (ص 672).
بل قال فيه الإمام الدارقطني: " أبو مريم الثقفي عن عمار: مجهول، متروك " انتهى، من "سؤالات البرقاني" (76).
وقيل: ثقة. قاله النسائي، كما في "تهذيب الكمال" (34/282)، وينظر للفائدة: "تهذيب التهذيب" (12/232)، و"تحرير التقريب" (4/270).
ونعيم بن حكيم، قد تفرد به، وهو مختلف فيه أيضا.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" نعيم بن حكيم، عن أبي مريم:
وثقه ابن معين، وغيره.
وقال الأزدي: أحاديثه مناكير.
وقال ابن سعد: لم يكن بذاك.
وقال النسائي: ليس بالقوي " انتهى من "ميزان الاعتدال" (4 / 267).
وقد ضعف هذا الحديث: محققو "مسند أحمد"، وقد سبق أيضا حكم الذهبي بنكارة متنه.
وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، إلى ما فيه إسناد هذا الحديث من نظر وتشكك؛ حيث قال في رده على الرافضي: " والجواب: أن هذا الحديث إن صح ... " انتهى من "منهاج السنة" (5 / 25).
والله أعلم.
تعليق