الحمد لله.
أولا:
كون هذا الشخص وضع مالا في حساب مشترك باسمكما، وسمح لك أن تأخذ منه ما تريد، فهذا إذن منه وإباحة للأخذ من المال متى شئت.
فما سحبته من الحساب قبل موته، وقبل أن يمنعك من السحب منه: هبة مقبوضة لا يحل للواهب الرجوع فيها؛ لما روى البخاري (2589)، ومسلم (1622) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ ).
وفي رواية للبخاري (2622) ( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ ).
وروى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ) والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وأما ما بقي في الحساب بعد منعه لك من الأخذ فهو باق على ملك صاحبه، وليس لك أن تسحب منه شيئا ؛ لأن الإذن والإباحة قد انتهت بمنعه لك.
وهذه ليست هبة ليقال إنه لا يحل له الرجوع فيها، بل هي من باب "الإباحة والإذن" في أن تأخذ من ملكه ما تريد، وهذه الإباحة قد أعقبها المنع والحظر، ولصاحب الملك أن يأذن ويمنع متى شاء.
وعليه؛ فلا يحق لك أخذ شيء مما في الحساب؛ لأنه باق على ملك صاحبه وقد انتقلت ملكيته الآن إلى ورثته.
ثانيا:
إذا مات صاحب المال، فإن ماله يكون لورثته ممن هم على دينه، ولا يحل لك التصرف في ماله ولا التصدق به، ومادام أنه ليس له والدان ولا أولاد بل له أخ فقط على دينه فإنك تدفعه لأخيه الذي هو وارثه؛ لأنه صار أمانة في يدك، يلزمك دفعها إلى مستحقها، وإن كان كافرا. قال الله تعالى:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/58.
والله أعلم.
تعليق