السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

ما هو نذر اللجاج والغضب، وما حكمه؟

444680

تاريخ النشر : 25-04-2023

المشاهدات : 4569

السؤال

ما هو نذر اللجاج، وهل يلزم الوفاء به أم تكفي كفارة يمين؟

الجواب

الحمد لله.

نذر اللجاج والغضب هو الذي يخرج مخرج اليمين، بأن يقصد منه الناذر حثّ نفسه أو غيره على شيء، أو المنع من شيء، أو تصديق خبر أو تكذيبه.

قال ابن قدامة رحمه الله: " إذَا أَخْرَجَ النَّذْرَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ، بِأَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِهِ شَيْئًا، أَوْ يَحُثَّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا، فَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ، أَوْ صَدَقَةُ مَالِي، أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ. فَهَذَا يَمِينٌ، حُكْمُهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَبَيْنَ أَنْ يَحْنَثَ، فَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ فِعْلِ الْمَنْذُورِ، وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَيُسَمَّى نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ نَذْرُ التَّبَرُّرِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ.

وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْقَاسِمُ، وَالْحَسَنُ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَرِيكٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْعَنْبَرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ ...

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ؛ لِأَنَّهُ نَذْرٌ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، كَنَذْرِ التَّبَرُّرِ. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ الشَّعْبِيِّ.

وَلَنَا، مَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَا نَذْرَ فِي غَضَبٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْجُوزَجَانِيُّ فِي " الْمُتَرْجَمِ ".

وَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ، أَوْ الْهَدْيِ، أَوْ جَعْلِ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ فِي الْمَسَاكِينِ، أَوْ فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ.

وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ.

وَلِأَنَّهُ يَمِينٌ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ [المائدة: 89].

وَدَلِيلُ أَنَّهُ يَمِينٌ، أَنَّهُ يُسَمَّى بِذَلِكَ، وَيُسَمَّى قَائِلُهُ حَالِفًا.

وَفَارَقَ نَذْرَ التَّبَرُّرِ؛ لِكَوْنِهِ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْبِرَّ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ، وَهَا هُنَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ قُرْبَةً وَلَا بِرًّا، فَأَشْبَهَ الْيَمِينَ مِنْ وَجْهٍ وَالنَّذْرَ مِنْ وَجْهٍ، فَخُيِّرَ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِهِ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ" انتهى من المغني (9/ 505).

وفي "الموسوعة الفقهية الكويتية" (40/ 143):

"نذر اللجاج هو النذر الذي يمنع الناذر فيه نفسه من فعل شيء أو يحملها عليه، بتعليق التزام قربة بالفعل أو الترك، وهو كقول الناذر: إن كلمت فلانا، أو لم أضربه، فعلي حج أو صوم سنة. أو إن لم أكن صادقا فعلي صوم.

واختلف الفقهاء فيما يلزم الناذر في هذا النوع.

- فذهب بعض الفقهاء إلى أنه يتخير بين الوفاء بما نذر، أو يكفر عنه كفارة يمين إذا وجد الشرط.

روي هذا عن أبي حنيفة - إذ رجع إليه في آخر عمره بعد أن كان يقول بلزوم الوفاء به - ومحل هذا التخيير إذا كان الناذر لا يريد تحقق الشرط، وهو قول محمد بن الحسن والأظهر عند العراقيين من أصحاب الشافعي، وهو قول النووي وهو مشهور مذهب الحنابلة...

- ويرى بعض الفقهاء أن الناذر يلزمه الوفاء بما سمي في هذا النذر.

روي هذا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وقول جمهور أصحابه ومشهور مذهب المالكية، وهو قول في مذهب الشافعية...

- ويرى بعض الفقهاء أن الناذر تلزمه كفارة يمين، فيخرج عن نذره هذا بالكفارة.

وقد روي هذا عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وابن عباس وعائشة وحفصة وأم سلمة رضي الله عنهم، وهو قول بعض المالكية، وقول في المذهب الشافعي استظهره بعض الشافعية، وهو رواية عن أحمد بن حنبل". انتهى

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"فأما الحلف بالنذر الذي هو نذر اللجاج والغضب مثل أن يقول: إن فعلت كذا فعلي الحج أو فمالي صدقة أو فعلي صيام. يريد بذلك أن يمنع نفسه عن الفعل، أو أن يقول: إن لم أفعل كذا فعلي الحج ونحوه: فمذهب أكثر أهل العلم أنه يجزئه كفارة يمين من أهل مكة والمدينة والبصرة والكوفة وهو قول فقهاء الحديث: كالشافعي وأحمد. وإسحاق وأبي عبيد وغيرهم وهذا إحدى الروايتين عن أبي حنيفة وهو الرواية المتأخرة عنه.

ثم اختلف هؤلاء فأكثرهم قالوا: هو مخير بين الوفاء بنذره وبين كفارة يمين؛ وهذا قول الشافعي والمشهور عن أحمد.
ومنهم من قال: بل عليه الكفارة عينا كما يلزمه ذلك في اليمين بالله وهو الرواية الأخرى عن أحمد وقول بعض أصحاب الشافعي.
وقال مالك وأبو حنيفة في الرواية الأخرى وطائفة: بل يجب الوفاء بهذا النذر". انتهى من "مجموع الفتاوى" (35/ 253)

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب