الحمد لله.
أولا:
من كانت عليه أيام من رمضانات، فإنه يقضيها مرتبة، فيبدأ بقضاء أقدمها، وهذا الترتيب واجب في مذهب الإمام أحمد.
قال في "كشاف القناع" (2/308): "ولو صام شعبان ثلاث سنين متوالية، ثم علم أن صومه كان بشعبان في الثلاث سنين: صام ثلاثة أشهر، بنية قضاء ما فاته من الرمضانات؛ شهراً على إثر شهر؛ أي: شهرا بعد شهر؛ يرتبها بالنية؛ كالصلاة إذا فاتته .. ؛ أي: فإن الترتيب بين الصلوات واجب، فكذا بين الرمضانات إذا فاتت" انتهى.
وذهب الجمهور إلى عدم وجوب الترتيب.
قال ابن الهمام في "فتح القدير" (2/ 112): "ولو وجب عليه قضاء يومين من رمضان واحد، الأولى أن ينوي أول يوم وجب عليه قضاؤه من هذا الرمضان، وإن لم يعين الأول جاز. وكذا لو كانا من رمضانين على المختار، حتى لو نوى القضاء لا غير، جاز" انتهى.
وقال في "منح الجليل"(2/ 124): " وَمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَيْنِ بَدَأَ بِأَوَّلِهِمَا، وَإِنْ عَكَسَ أَجْزَأَ " انتهى.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/ 151): "ولو كان عليه قضاء رمضانين، فنوى صوم غد عن قضاء رمضان: جاز، وإن لم يعين أنه عن قضاء أيهما؛ لأنه كله جنس واحد. قاله القفال في فتاويه. قال: وكذا إذا كان عليه صوم نذر من جهات مختلفة، فنوى صوم النذر: جاز، وإن لم يعين نوعه، وكذا الكفارات كما مرت الإشارة إليه، وجعل الزركشي ذلك مستثنى من وجوب التعيين" انتهى.
ثانيا:
إذا صمت بنية قضاء رمضان الأول، ثم تبين أنه لا قضاء عليك، فإنه لا يصح أن يصرف ما صمته إلى قضاء رمضان الثالث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).
فالنية انصرفت إلى رمضان الأول، وأما رمضان الثالث فخلا من النية.
ولا عبرة بتغيير النية بعد أداء العبادة، كما بينا في جواب السؤال رقم: (432428).
ولو أنك قضيت بنية مطلقة، لصح أن يصرف قضاؤك لرمضان الثالث على الخلاف المتقدم.
والله أعلم.
تعليق