الحمد لله.
فقد جعل الله تعالى الرجال يميلون إلى النساء , والنساء تملن إلى الرجال ، وهذا الميل منه ما يترجم إلى علاقة محرمة كالزنا ، ومنه ما يترجم إلى علاقة شرعية وهو الزواج ، وقد جعل الله تعالى الزوجة ستراً لزوجها وجعل الزوج ستراً لزوجته ، قال الله تعالى : ( هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) البقرة/187 ، ثم إن من النعم التي يخص الله تعالى بها بعض الأزواج أن يجعل بينهم المودة والرحمة , ويوفق كلا منهما لما يكون سببا في الألفة ونبذ الفرقة والشحناء في الأسرة ، وهذه نعمة عظيمة جدّاً لا يشعر بقيمتها إلا من اضطربت عندهم العلاقة الأسرية , ودخل بينهم الشقاق والنزاع الذي يحوِّل العلاقة الزوجية إلى جحيم لا يطاق ؛ فعند ذلك يصبح كلٌّ من الزوجين يحلم بالاستقرار الأسري حلماً ، وتصبح أمنية الرجل زوجةً يهنأ معها في عيشه ، وأمنية المرأة رجلا تهنأ معه في عيشها .
ويفهم من سؤالكِ أن الله قد امتنَّ عليك بهذه النعَم كلها ، فالواجب عليك هو شكر الله على هذه النعم العظيمة والمحافظة عليها وعلى الأسرة التي رزقك الله إياها والتي يتمنى ملايين النساء أن يكنّ في مثل الحال الطيبة التي أنتِ فيها وأنتِ لا تشعرين بقيمتها .
واعلمي أن المرأة لا يجوز لها أن تقيم علاقة مع رجل أجنبي عنها , وإذا كانت متزوجة كانت هذه العلاقة بينها وبين ذلك الرجل أشد تحريماً , لأن فيها اعتداء على حق الزوج وشرفه وعرضه .
وعليه : فلا يجوز لكِ ولا لذلك العشيق المجرم أن تصليا صلاة الاستخارة ؛ وذلك أن الاستخارة إنما تشرع في أمر لم يتبين خيره من شره ، ولا يدري المسلم عن مصلحته فيه ، فيستخير حتى يوفقه الله للخير إن كان خيراً أو يصرفه عنه إن كان شرّاً ، أما أن يستخير المسلم في معصية الله ومخالفة أوامره سبحانه فهذه معصية تستوجب التوبة إلى الله منها .
وبيان ذلك : أن المرأة حين تستخير في الزواج من غير زوجها وهي على ذمة زوجها فإنها في حقيقة الأمر تستخير في هدم بيتها وأسرتها ، وتستخير في تشريد أطفالها ، وتستخير في الطلاق من زوج أحسن إليها واهتم بها اهتماماً كبيراً ، فهي تستخير في خيانته وطعنه في ظهره بأن تشتت أسرته وليكون خراب بيته وبيتها على يديها ، وهي تستخير في مقابلة المعروف الكبير والخير الكثير بالإساءة الشديدة والتنكر لصاحب المعروف وجحد حقه .
وأما النتيجة الإيجابية التي تقولين إن صاحبك حصل عليها ! فلا شك أنها تزيين من الشيطان واتباع لهوى النفس , وليس للمسلم أن يستخير على فعل شيء محرم , فكيف يستخير ثم يزعم أنه حصل على نتيجة إيجابية ؟!
ثم إن المسلم بعد صلاة الاستخارة يعزم على أحد أمرين : إما الفعل , وإما الترك , فما يسره الله له فهو الخير , وأما أن ينتظر انشراح الصدر أو أن يرى رؤيا ونحو ذلك ، فهذا في الغالب أمور وهمية , لا ينبني عليها حكم شرعي .
وبناء على ما سبق : فإنه يجب عليك أن تصرفي عنك كل وساوس الشيطان المتعلقة بهذا الموضوع وألا تجعلي للشر سبيلا عليك وعلى أسرتك وعلى أبنائك ، واعلمي أنكِ وقعت في مكيدة شيطانية بأن زينكِ الشيطان لهذا الشاب وزيَّنه لك حتى يحقق فيكما هدفه وبغيته وهو خراب بيت مسلم آمن مستقر ، وطلاق زوجين متحابين متآلفين ، وتشريد أطفالكما .
فاقطعي حبل الشيطان بألا تفتحي المجال لهذا الشاب أن يخرب حياتك وأسرتك واقطعي كل طريق يمكن أن يؤدي إلى بقاء محل له في حياتك .
ومما يعينك على صرف هذه الوساوس الشيطانية أن تجيبي بينك وبين نفسك بصدق على هذه التساؤلات :
1. هذا الشاب لو كان رجلا صالحا فكيف يرضي أن يخرب بيت أخيه المسلم ويشتت له أسرته ؟
2. لو كان هذا الإنسان يحبك حقيقة فلماذا يسعى في خراب بيتك ودمار أسرتك ؟ فهل هو يحبك أم يحب نفسه ولا ينظر إلا إلى مصلحة شهوته ؟
3. لو أنه حصل ما تمناه هذا الشاب وتم طلاقك من زوجك – لا قدر الله – فما هو مصير أبنائك الذين هم من الرعية والأمانة التي سيسألك الله عنها يوم القيامة ؟
4. ما الذي يضمن لك أن تكون معاملة هذا الشاب لك بعد الزواج ومشاعره كما هي الآن ؟ مع العلم أن كثيراً من الأسر التي بنيت على العشق كان مصيرها الفشل بعد أشهر قليلة من الزواج لأنها بنيت على أساس هش غير مبني على رضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
5. وهل تتوقعين أن تبقى الثقة بينكما دائماً بعد زواجكما ؟ فإذا كان أحبك وأنت متزوجة ، فمن أين لكِ أن لا يحب غيرك وهي متزوجة – أو غير متزوجة - ؟ وكيف سيثق بكِ إن كنتِ هدمتِ بيتك من أجله ، وقد تتكرر الصورة مرة أخرى وأنتِ على ذمته ، فستبقى الشكوك مصدر قلق لكليكما ، فكلاكما رضي بالحرام ولم تمتنعي من إقامة علاقة محرمة مع وجود عقد شرعي بينك وبين زوجك ، فمن يضمن له أنكِ لن تعيدي الكرَّة مرة أخرى ؟
أما طلبك الدعاء ، فأسأل الله العلي العظيم بمنه وكرمه أن ييسر لك الخير ويصرف عنك كل شر وأن يديم عليك وعلى أسرتك نعمة الاستقرار والمحبة وأن يحفظ لك زوجك وأبناءك ويبعد عنك وساوس الشيطان وتزيينه للباطل .
والله أعلم .
تعليق