الحمد لله.
أولا:
زيت الطعام يجري فيه الربا، لكونه مكيلا مطعوما.
فإذا بيع الزيت بالزيت، ففيه تفصيل:
1-فإن كانا من جنس واحد، كزيت ذرة بزيت ذرة، اشترط التماثل والتقابض في المجلس ، بقطع النظر عن الجودة .
2-وإن كانا من جنسين مختلفين، كزيت ذرة بزيت قمح أو زيت دوار الشمس، اشترط التقابض في المجلس فقط، وجاز التفاضل.
والأصل في ذلك، أن الزيوت تأخذ حكم أصولها، من ذرة وقمح وشعير وغيرها، وقد روى مسلم (1587) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ).
قال في "كشاف القناع" (3/255): "(وفروع الأجناس أجناس، كأدقة وأخباز وأدهان [زيوت] وخلول)؛ لأن الفرع يتبع أصله، فلما كانت أصول هذه أجناسا، وجب أن تكون هذه أجناسا؛ إلحاقا للفروع بأصولها.
فعلى هذا دقيق الحنطة جنس، وخبزها جنس، ودقيق الشعير جنس، وخبزه جنس، ودهن السمسم جنس، ودهن الزيتون جنس، وخل التمر جنس، وخل العنب جنس، وهكذا، فعسل النحل، وعسل القصب: جنسان" انتهى.
وقال قبلها (3/254): (فإن اختلف الجنس: جاز بيع بعضه ببعض، كيلا أو وزنا وجزافا، متفاضلا)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد، (كذهب بفضة و) كـ (تمر بزبيب، و) كـ (حنطة بشعير)" انتهى.
وعليه؛ فإن كان التبادل بين زيت قطن وزيت ذرة مثلا، جاز أن يبدل 4 لترات بلترين، أو 4 لترات بلترين ومسحوق للغسيل، وغير ذلك من صور التفاضل، بشرط حصول التقابض في المجلس.
وأما إن كان التبادل بين زيتين من نفس الجنس، كزيت قطن بزيت قطن، فيجب التساوي ويحرم التفاضل، ولا عبرة بكون أحدهما قديما أو جديدا.
ولا يجوز أن يكون مع الجنسين أو مع أحدهما شيء من غيره، كزيت قطن بزيت قطن ومسحوق؛ لعدم التماثل، ولا 4 لترات زيت قطن، بثلاث لترات ومسحوق، إلا إذا كانت قيمة المسحوق تساوي لترا، فيجوز عند شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة، لكن هذا لا يتصور هنا؛ لكون المبادلة بين زيت قديم وزيت جديد، فيبعد أن يكون اللتر الزائد يقابله المسحوق.
ثانيا:
الزيت المستعمل يخرج عن كونه زيت طعام في الحقيقة؛ لأنه تأكسد من الإحماء على النار، ولم يعد صالحا للأكل، فلا يعد صنفا ربويا حقيقة عند من يقول: إن العلة هي الكيل والطعم، فهذا لا يعد طعاما.
وأما على القول بأن علة الربا الكيل فقط، سواء كان مطعوما أو لا، -وهو مذهب الحنفية والحنابلة-فإنه يجري فيه الربا، وينطبق عليه ما ذكرنا من التفصيل السابق.
وينظر: في علة الربا: جواب السؤال رقم: (279825).
وبكل حال؛ فالأحوط أن يباع الزيت القديم بمال، ويقبضه البائع، ثم يشتري بهذا المال ما شاء من زيت، أو مسحوق، أو غير ذلك، ولو اشتراه من غير من باع إليه الزيت القديم، أو في وقت آخر، فهو أحسن، وأسلم من الربا، والرِّيبة.
ثالثا:
يجب التحقق من عدم حصول الضرر والغش من هذه المبادلة، وأن يكون ذلك بسماح من جهة رقابية معتمدة، لأن الزيت القديم قد يعالج معالجة ظاهرية ثم يعاد بيعه، ومعلوم ضرر استعماله، فضلا عن الغش إذا بيع على أنه زيت جديد، ولا يجوز أن يعين المؤمن على ضرر أو غش.
والله أعلم.
تعليق