الحمد لله.
أولا:
يجب على المرأة ستر عورتها أمام النساء، وهي ما بين السرة والركبة، فيلزمها سترها، إلا لحاجة كالتداوي.
ويحرم نظر المرأة إلى عورة المرأة إلا لحاجة.
فعَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ ،وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ) رواه مسلم (338).
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (4/30): " فيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل، والمرأة إلى عورة المرأة، وهذا لا خلاف فيه، وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة، والمرأة إلى عورة الرجل، حرام بالإجماع، ونبه صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل، على نظره إلى عورة المرأة، وذلك بالتحريم أولى...
وأما ضبط العورة في حق الأجانب: فعورة الرجل مع الرجل ما بين السرة والركبة، وكذلك المرأة مع المرأة...
وهذا الذي ذكرناه في جميع هذه المسائل من تحريم النظر، هو فيما إذا لم تكن حاجة، أما إذا كانت حاجة شرعية فيجوز النظر، كما في حالة البيع والشراء والتطبب والشهادة ونحو ذلك، ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة؛ فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه، وأما الشهوة فلا حاجة إليها " انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (31/47): " ذهب الفقهاء إلى أن عورة المرأة بالنسبة للمرأة هي كعورة الرجل إلى الرجل، أي ما بين السرة والركبة، ولذا يجوز لها النظر إلى جميع بدنها عدا ما بين هذين العضوين، وذلك لوجود المجانسة وانعدام الشهوة غالبا، ولكن يحرم ذلك مع الشهوة وخوف الفتنة" انتهى.
ثانيا:
المرأة يمكنها إزالة شعر العورة بالنتف والحلاقة ومزيلات الشعر الأخرى، وذلك متيسر لعامة الناس، فيحرم عليها أن تكشف عورتها لذلك، إلا إن ترتب على الحلق والنتف ونحوه التهابات، وكان في استعمال الليزر سلامة من ذلك، فيجوز حينئذ على يد طبيبة مسلمة.
كما يجوز إزالة الشعر بالليزر إذا أمكن أن تفعله المرأة بنفسها، مع توجيه الطبيبة، دون نظر إلى عورتها.
قال الشربيني الخطيب: " واعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس: هو حيث لا حاجة إليهما. وأما عند الحاجة فالنظر والمس مباحان لحجامة وعلاج ولو في فرج، للحاجة الملجئة إلى ذلك؛ لأن في التحريم حينئذ حرجا " انتهى من "مغني المحتاج" (4/215).
وقال العز ابن عبد السلام رحمه الله: " ستر العورات والسوآت واجب، وهو من أفضل المروآت وأجمل العادات، ولا سيما في النساء الأجنبيات، لكنه يجوز للضرورات والحاجات.
أما الحاجات فكنظر كل واحد من الزوجين إلى صاحبه، ونظر الأطباء لحاجة المداواة.
وأما الضرورات فكمداواة الجراحات المتلفات، ويشترط في النظر إلى السوآت لقبحها من شدة الحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سائر العورات.
وكذلك يشترط في النظر إلى سوأة النساء من الضرورة والحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سوأة الرجال؛ لما في النظر إلى سوآتهن من خوف الافتتان، وكذلك ليس النظر إلى ما قارب الركبتين من الفخذين، كالنظر إلى الأليتين" انتهى من "قواعد الأحكام" (1/165) باختصار.
وقال الدكتور صالح بن محمد الفوزان: "أما العانة فإن إزالتها تقترن بكشف العورة المغلظة؛ لذا فإنه لا يجوز إزالتها بالليزر؛ لأن ذلك من باب الزينة، وليس ضرروة أو حاجة، وهناك ما يغني عنه من وسائل الإزالة، فليس مسوغا لكشف العورة لمن لا تحل له.
لكن من يجد مشقة في بقاء شعر العانة، ويتأثر جلده بمزيلات الشعر المعروفة كالحلق والمواد الكيميائية، خاصة مع تكرار ذلك في مدة وجيزة، بحيث يتضرر من ذلك ضررا بالغا، يجوز له الإزالة بالليزر؛ لأنه يُضعف الشعر ويؤخر خروجه، خاصة مع تضرره من الإزالة بالطرق الأخرى، و(الضرر يزال)، وقياسا على من لا يحسن حلق عانته؛ لوجود ما يشبه الضرروة في الحالين، و(الحاجة تنزل منزلة الضرورة)، على ألا يتعدى الكشف موضع الحاجة، وتتولاه المرأة بالنسبة للمرأة والرجل بالنسبة للرجل" انتهى من "الجراحة التجميلية"، ص 187.
ثالثا:
بناء على ما تقدم، فإن الطبيبة لا يجوز لها أن تزيل شعر العورة لامرأة إلا عند وجود ما يبيح ذلك، كحصول الضرر بالوسائل الأخرى، ولها الأخذ بقول المرأة: إن هذه الوسائل تصيبها بالتهابات؛ لأن الأصل حسن الظن، وأما مجرد التألم من النتف فليس عذرا يبيح الكشف والنظر؛ لإمكان الإزالة بغير النتف.
وإذا لم تجد الطبيبة عذرا للكشف والنظر، لم يجز لها عمل ذلك؛ لما في عملها من نظرها المحرم، ومن إعانتها غيرها على الكشف المحرم، إلا أن يمكن توجيه المرأة لعمل ذلك بنفسها دون نظر الطبيبة إلى عورتها.
والله أعلم.
تعليق