السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

ما حكم أخذ القرض الربوي للتخلص من الظلم؟

460155

تاريخ النشر : 16-03-2024

المشاهدات : 315

السؤال

لدينا مرآب كبير في بيت أبي، قبل 30 سنة جاء شخص لأبي، وطرح عليه فكرة مشروع لإصلاح السيارات في المرآب، واقتسام الأرباح بالنصف، أبي قبل الفكرة، وبدأ الشخص بالعمل، بعد مرور بضعة سنوات انشغل أبي بأمور أخرى، والشخص بدأ يعطيه مقدارا من المال محددا كل شهر، وهو نصف المبلغ الذي يكترى به المرآب في مدينتنا، وأبي لم يكتب أي عقد مع الشخص إطلاقا، والآن الشخص أصبح ذا نفوذ، واستحوذ على المرآب، ويروج للناس بأنه يدفع مبلغا لا بأس به شهريا لأبي، وأن لديه عقدا مع أبي، وأبي لا يستطيع مواجهته؛ نظرا لخجله الكبير تجاه الناس، ونشك بأن لديه عقدا مزورا يقضي به حوائجه، من سلف، وسفر خارج البلاد، والحل الوحيد لإخراج هذا الظالم من المرآب هو برخصة إصلاح المنزل بكامله؛ لتضرره بشكل كبير من النشاط المزاول في المرآب، وفي دولتنا رخصة الإصلاح سوف تخرج هذا الظالم نهائيا من المرآب، لأنه ليس لديه عقد حقيقي مع أبي، ولكننا نعجز عن تكلفة إصلاح المنزل، والحل الوحيد هو: أخذ قرض ربوي من البنك. فهل هذه ضرورة تسمح لنا بالمحظور لردع هذا الظالم، وإصلاح المنزل الذي أصبح متشققا بالكامل؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الحال التي ذكرتها في السؤال لا ترقى لمستوى الضرورة، فالضرورة تتعلق بضرر يقع على الإنسان دينه أو بدنه أو عقله أو عرضه أو ماله، وليست هي المشقة التي يمكن تحملها، بل هي الضرورة التي قد تسبب له هلاكاً، أو تلفاً لبعض أعضائه، أو سجناً طويلاً، أو مرضاً مزمناً.

جاء في الموسوعة الفقهية: "الضرورة عند الفقهاء: بلوغ الإنسان حدا إن لم يتناول الممنوع ‌هلك أو قارب، كالمضطر للأكل واللبس بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم" انتهى من "الموسوعة الفقهية الكويتية" (28/ 191).

ثانياً:

 في مثل حالتكم هناك وسائل أخرى يمكن اتخاذها لرفع الظلم الواقع عليكم، منها:

  1. تحرك والدك لاسترداد حقه، فسكوته وحياؤه من الظالم لا يجيز له أخذ القرض الربوي.
  2. اللجوء إلى المحاكم، لاسترداد حقكم، وخاصة أنه لا يملك أي عقد أو دليل على أحقيته بالمرآب.
  3.  بقاء الحال على ما هو عليه حتى يتيسر لكم مبلغ الإصلاح من طرق أخرى غير القرض الربوي .
  4. التفاهم من هذا الشخص، وتوسيط العقلاء والوجهاء.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: "ليس هناك ضرورة تبيح المحرم إلا بشرطين:

  • أن نعلم أنه لا تزول ضرورته إلا بهذا.
  • أن نعلم أن ضرورته تزول به" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (3/19).

وحالتكم لا يتحقق فيها الشرطان.

فإذا سلكتم الطرق البعيدة عن الربا لتخليص حقكم ستجدون تيسيرا وتوفيقا بإذن الله ، قال الله تعالى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ ‌يَجْعَلْ ‌لَهُ ‌مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا الطلاق/2-3. 

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " إذا كنتُ في حاجةٍ شديدةٍ إلى مبلغٍ كبيرٍ من المال، وليس أمامي سوى الاقتراض من البنك، علمًا بأنَّ البنك عند السَّداد يزيد مبلغًا على المبلغ الأصلي، فما الحل جزاكم الله خيرًا؟

فأجاب: "ليس لك أن تأخذ بالربا مطلقًا، ولو كنتَ في حاجةٍ التمس الطرق الأخرى: اقترض من إخوانك الطيبين، أو اشترِ سلعةً إلى أجلٍ وبِعْها، وهي التي تُسمَّى: الوعدة، يُسمّيها العلماء: التَّورق، تشتري سلعةً إلى أجلٍ: تشتري سيارةً أو غيرها، ثم تبيعها وتقضي حاجتك"

أما أخذ القرض بالربا فلا يجوز ولو كنتَ محتاجًا، ولو للزواج، أو لقضاء الدَّين، ليس لك أن تأخذ الربا أبدًا، الله يسَّر لك طرقًا أخرى غير الربا"، انتهى من موقع الشيخ.

وعليه، فلا يحوز لكم أخذ القرض الربوي بغرض التحجج بإصلاح البيت لإخراج الرجل من المرآب.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب