الحمد لله.
أولًا:
سبق بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بمسألة زنا الزوجة، ونسبة ولدها وما يُشرع للزوج فعله، فلينظر جواب الأسئلة رقم: (33615)، (95024).
ثانيًا:
ورد في نص السؤال وصف عقد الزواج بأنه غير عادل، وهذا مما ينبغي أن يحذر الإنسان من التلفظ به فإنه من وصف التشريعات الإلهية بعدم العدل، ويخشى على من يتلفظ بهذا أن يخرج من الإسلام بكلامه هذا؛ لأنه وصف لله ولأحكامه بالظلم، والله حكيم خبير أعدل العادلين لا يظلم الناس مثقال ذرة.
قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ يونس/44.
وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا النساء/40.
وهذا أصل عظيم مقرر في الشريعة، وهو من محكماتها الكبرى، التي لا يصح لعبد إيمانه، ولا تستقيم له عبوديته طرفة عين، متى تخلخل ذلك في نفسه؛ فليحذر العبد من نزغات الشيطان ووساوسه، وتسلطه على قلبه بتوافه الشبهات.
والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، ومجاوزة الحق والتعدي على الخلق، والله عز وجل له الملك والأمر، جميع خلقه ملك له سبحانه، قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا النساء/64-65.
وهو سبحانه الذي يضع الحدود، والإنسان الجهول الظلوم: يتورط في أن يدعي حدًا ثم يزعم أن الحكم الشرعي قد جاوز الحد، بينما الخطأ عنده إذ صنع الحد بهواه، وليس في العقل ولا في الشرع ما يقتضي وضع الحد في هذا الموضع الذي ادعاه هذا الإنسان، وسنوضح هذا تطبيقًا على مسألتنا في الفقرة القادمة.
ثالثًا:
إذا ولدت الزوجة ولدها على فراش الزوجية، فإنه ينسب للأب وهذا هو الأصل، ونسبة الولد للزوج حق للابن راعته الشريعة، حتى لا يعير الأبناء، ولكيلا يحصل تساهل في نفي الأنساب، قال ابن القيم: "فأما ثبوت النسب بالفراش فأجمعت الأمة عليه" انتهى، من "زاد المعاد" (5/564).
رابعًا:
إذا علم الزوج بأن مولود زوجته ليس ولدًا له، فإنه ليس مجبرا على قبول نسبته إليه ، بل يشرع له أن يُلاعن زوجته ، وساعتها لا ينسب الولد له ، ويحق له نفي نسبه ، بشروط نص عليها الفقهاء. وانظر في ذلك جواب السؤال رقم: (264577).
خامسًا:
إذا اتضح ما تقدم فأين الظلم هنا؟
لقد حمت الشريعة حق الولد ببيان الطريق الشرعي لإثبات نسبه، وأعطت الحق للزوج إن أراد نفي هذا النسب ببيان الطريق الشرعي لنفي النسب.
فيا عبد الله؛ أنت لم تتزوج بعد، وتورطت في تسلسل تفكير، يجعلك تفترض أنك تزوجت ثم تفترض زنا زوجتك ثم تفترض إنجابها ثم تفترض أن ولدها نسب لك، كل هذا التسلسل الافتراضي ينبغي أن تعلم أنه لن يسيطر على تفكير الإنسان حتى يحجبه عن الزواج، إلا وهو صادر من تسلط الشيطان على العبد، يريد أن يفسد عليه عيشه بالوساوس، حتى يقتحم به مهالك الإعراض عن سنة شرعية كالزواج، وحتى يوقعه في اتهام الشريعة بالظلم، فقد حاصر الشيطان أفكارك وملأها بالوساوس حتى أوشك ذلك أن يهلكك.
ثم سل نفسك، سؤال الصادق الجاد: إذا استسلمت لهذه الوساوس، وكانت لديك ميول للجنس الآخر؛ فأين تضع ميولك، وتصرف غرائزك الطبيعية، وقد ضيقت على نفسك ما وسع الله لك، ونفرتها عن الحلال الطاهر الذي شرعه لعباده؟!
وإذا كان الزواج عقدا ظالما؛ فهل الفجور والزنا: هو الحل العادل؟!!
يا عبد الله؛ دع عنك الوساوس، ونزغات الشيطان، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وأقبل على عيشك، واجتهد في جودة اختيارك لزوجتك، واتق الله فيها، ولا تسترسل مع هذه الأفكار التي لا نفع فيها.
والله أعلم.
تعليق