السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

ما حكم الإشارة بالسكوت لمن تكلم أثناء الخطبة؟

466628

تاريخ النشر : 05-11-2023

المشاهدات : 2537

السؤال

كلنا نعلم أن الالتهاء أثناء خطبة الجمعه خطأ، والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن مس الحصى فقد لغا)، ولكن ورد أنه كان هناك رجل مزعج، وقام ابن عمر رضي الله عنه برمي الحصاة عنده، وعندما التفت المزعج قام ابن عمر بوضع يده على فاه، والمقصود هذا بالإشارة له بأن يصمت، ويتوقف عن الازعاج. فهل يجوز القول أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فقط عن الذي يزعج، ولا ينهى عن الذي يصمته أم يشمل الطرفين؟ لأن ابن عمر لو لم ينهَ الرجل لاستمر، ولم يستطع أحد الإنصات للخطبة؟

ملخص الجواب

يجوز تنبيه من تكلم أثناء الخطبة بالإشارة، وقد فعل ذلك الصحابة وأقرهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم         

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الحديث الذي أشرت إليه في سؤالك رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ مسَّ الحصى فَقَدْ لَغَا رواه مسلم (857).

قال القاضي عياض رحمه الله: "وقوله: (ومن مس الحصا فقد ‌لغا) : لأنه بتحريكه له وشغله به صار لاغيا مشغلا غيره عن سماع الخطبة بصوت حركته" انتهى من "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (3/ 253).

وأبلغ منه حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا ‌قُلْتَ ‌لِصَاحِبِكَ ‌يَوْمَ ‌الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ، والإمام يخطب، فقد لغوت رواه البخاري (892).

وهذه الأحاديث ليس فيها نهي عن تنبيه من تكلم أو أحدث شيئا أثناء الخطبة بالإشارة، كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما.

قال الشيرازي: "والكلامُ منهيٌّ عنه، إما على سبيل الاستحبابِ، أو على سبيل الوجوب على اختلاف القَولين، بل الطريقُ أن تُشيرَ إليه بيدِكَ إذا أَمَرْتَه بالسكوت". انتهى من "المفاتيح في شرح المصابيح" (2/322).

وقد ثبت عن الصحابة أنهم يشيرون لمن تكلم أثناء الخطبة.

قال ابن قدامة رحمه الله: "وإذا سمع الإنسان متكلما -أي أثناء الخطبة-لم ينهه بالكلام؛ لقول النبى -صلى الله عليه وسلم-: (إذا قلت لصاحبك ‌أنصت، ‌والإمام ‌يخطب، ‌فقد ‌لغوت)، ولكن يشير إليه. نص عليه أحمد. فيضع أصبعه على فيه.

وممن رأى أن يشير ولا يتكلم: زيد بن صوحان ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والثوري، والأوزاعي، وابن المنذر...

ويدل لذلك أن الذي قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- متى الساعة؟ أومأ الناس إليه بحضرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسكوت.

ولأن الإشارة تجوز في الصلاة التي يبطلها الكلام، ففي الخطبة أولى" انتهى من "المغني" (3/ 198).

ثانيا:

ما أشرت إليه من رمي ابن عمر للرجل بالحصى: رواه ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه رأى رجلا يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة، ‌فرماه ‌بحصى، فلما نظر إليه وضع يده على فيه" رواه ابن أبي شيبة (5324)، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" (4/78)، وصححه محققه الشيخ سعد الشثري.

وينظر: "ما صح من آثار الصحابة في الفقه" (1/477).

وما فعله ابن عمر لا يدخل في النهي عن مس الحصى؛ لأنه إذا جاز التنبيه بالإشارة فبالحصى أيضاً، إلا أنه خلاف الأولى، ولم يكن عليه عمل الناس كما قال الإمام مالك.

قال ابن الملقن رحمه الله: "وعن مالك: يسكت الناس بالتسبيح والإشارة، ولا يحصبهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ومن ‌مس ‌الحصى فقد ‌لغا) وكان ابن عمر يحصب، وليس عليه العمل، وروى ابن المنذر أيضا عن مالك: لا بأس بالإشارة" انتهى من "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (7/607).

ولعل ابن عمر، رضي الله عنهما، إنما فعل ذلك لينبهه إليه، ولم يكن الرجل قريبا منه، أو مقابلا له، بحيث يرى إشارته، فرماه بالحصى ليلتفت إليه، ثم نهاه عن الكلام بإشارته.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب