الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

هل يجوز التنسيق بين طرفين لتصريف العملة وربح الفرق؟

466800

تاريخ النشر : 25-06-2024

المشاهدات : 1293

السؤال

شخص معه مائة دولار، واتفق مع آخر أن يبدلهم على ثلاثين جنيه للدولار، ولكنه لا يملك الجنيهات، فذهب لشخص ثالث يريد شراء دولار، واتفق معه على ٣٠.٢٥ جنيه للدولار، ثم أخذ منه ٣٠٢٥٠ جنيه، وأعطى الشخص الأول المالك للدولارات ٣٠٠٠٠ كما اتفق معه في البداية، وأخذ الفرق، أي حوالي ٢٥٠ جنيه كعمولة، هل هذا حرام؟

الجواب

الحمد لله.

هذه المعاملة محرمة ، لأن هذا الشخص الثالث دفع ثمن الدولارات، لكي يتمكن الشخص الذي يتاجر فيها من شرائها من مالكها، دون أن يستلم منه الدولارات التي اشتراها منه، وهو لا يملكها وقت الشراء؛ فوقعوا في صورة ربا النسيئة؛ فإن العملات بعضها ببعض يجب فيه التقابض في مجلس العقد .

فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ  رواه مسلم (1587).

والعملات الورقية يجري عليها حكم الذهب والفضة، فقد جاء في قرار "مجلس المجمع الفقهي" برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الدورة الخامسة قرار رقم (6):

أولاً: إنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة ، وبناء على أن علة الربا فيهما هي مطلق الثمنية في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة .

وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة، وإن كان معدنهما هو الأصل .

وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمنا، وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها ، وبها تقوم الأشياء في هذا العصر ، لاختفاء التعامل بالذهب والفضة ، وتطمئن النفوس بتمولها وادخارها ، ويحصل الوفاء والإبراء العام بها ، رغم أن قيمتها ليست في ذاتها ، وإنما في أمر خارج عنها ، وهو حصول الثقة بها كوسيط في التداول والتبادل ، وذلك هو سر مناطها بالثمنية .

وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية ، وهي متحققة في العملة الورقية ، لذلك كله؛ فإن مجلس المجمع الفقهي يقرر أن العملة الورقية نقد قائم بذاته ، له حكم النقدين من الذهب والفضة ، فتجب الزكاة فيها ، ويجري الربا عليها بنوعيه فضلا ونسيئة ، كما يجرى ذلك في النقدين من الذهب والفضة تماما ، باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياسا عليهما . وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها .

ثانياً : يعتبر الورق النقدي نقدا قائما بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان ، كما يعتبر الورق النقدي أجناسا مختلفة تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة . بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس ، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس ، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته ، وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه فضلا ونسيئة، كما يجري الربا بنوعية في النقدين الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان" انتهى .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن مثل هذه المعاملة فأجاب:

" المعاملة بالبيع والشراء بالعمل جائزة، لكن بشرط التقابض يدا بيد إذا كانت العمل مختلفة، فإذا باع عملة ليبية بعملة أمريكية أو مصرية أو غيرهما يدا بيد فلا بأس، كأن يشتري دولارات بعملة ليبية يدا بيد فيقبض منه ويقبضه في المجلس، أو اشترى عملة مصرية أو انجليزية، أو غيرهما بعملة ليبية أو غيرها يدا بيد فلا بأس، أما إذا كانت إلى أجل فلا يجوز، وهكذا إذا لم يحصل التقابض في المجلس فلا يجوز؛ لأنه والحال ما ذكر يعتبر نوعا من المعاملات الربوية، فلا بد من التقابض في المجلس يدا بيد إذا كانت العمل مختلفة، أما إذا كانت من نوع واحد فلا بد من شرطين: التماثل والتقابض في المجلس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) أخرجه مسلم في صحيحه" انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (19/ 171-172).

وإذا كان الطرف الثاني قد أتم عقْد البيع مع الطرف الأول على السعر الذي اتفقا عليه ، على أن يأتيه بالجنيهات ويأخذ الدولارات فيما بعد ، ولم يكن ما جرى بينهما مجرد مساومة على السعر ، فهذه معاملة محرمة هي الأخرى ، لعدم حصول التقابض ، ويكون الطرف الثاني وقع في الربا مرتين .

والمخرج من ذلك: أن يتفق مع أحد الطرفين أن يكون وكيلا عنه بتصريف العملة بمبلغ معين يتفقان عليه على أن يكون الزائد له.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب