الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

شتائم وخلافات مستمرة مع الزوج فهل تطلب الطلاق ؟

46910

تاريخ النشر : 07-03-2008

المشاهدات : 42127

السؤال

أنا متزوجة ولي ثلاثة أطفال ، دائماً في شجار مع زوجي ويدَّعي بأنني لا أطيعه ، في بعض الأحيان وفي نهاية الشجار أتلفظ بألفاظ لا يتلفظ بها المتقون وربما قالها هو ، وفي 80 % من الحالات أشعر بأنني امرأة سيئة ، وأن الملائكة تلعنني بالليل ، وأشعر بأنني يجب أن أطلب السماح حتى لو أنني لست مخطئة ، حينها أشعر بالراحة ، ولكنني أشعر بالذنب ، حين يقول عني زوجي بأنني دائماً أشتكي ، ولو قلت كل ما يقوله زوجي عني لمكثت ساعات ، زوجي يبالغ ويقول بأنه يريد أن يكون هو الرجل ، فقلت له : إذاً لماذا لا نفترق كما قالت الآية . لا أشعر بالسعادة في حياتي ولا هو كذلك ، أشعر بأنه ليس صادقاً مع نفسه لأنني لو كنت غير مطيعة له ودائماً أشتكي وأتصرف كالرجال فلماذا أبقاني معه حتى الآن ؟ . أرجو أن تساعدني وتنصحني لأنني لا أريد أن أغضب الله ولا أغضب زوجي ، هو يقول بأنني أغضبه كل يوم ودائماً أجادل . أسأل الله المغفرة ، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

الجواب

الحمد لله.

شرع الله عز وجل الزواجَ وامتنَّ به على الإنسان وجعله من آياته عز وجل ، وأخبر أن من أعظم حكَم الزواج وجود السكن والمودة والرحمة بين الزوجين ، قال الله تعالى ‏:‏ ‏ ‏وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً‏ ‏ ‏[ ‏الروم‏ /‏ 21‏ ]‏‏ .
ولا يتم ما أراده الله تعالى من الزواج إلا إذا تحقق حسن العشرة بين الزوجين‏ ، وذلك‏ بأن يؤدي كل منهما ما يجب عليه نحو الآخر‏ .‏
فيجب على الزوجة أن تطيع زوجها بالمعروف ، وأن تمكنه مما أباح الله له من الاستمتاع ، وأن تقرَّ في بيتها ولا تخرج منه إلا بإذنه ، و‏لها على زوجها الكسوة والنفقة والسكنى بالمعروف ولها عليه المعاشرة بالمعروف‏ ، قال الله تعالى‏ :‏ ‏ ‏وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏ ‏ ‏[ النساء‏ /‏ 19‏] ‏‏.‏
والوصية للزوج – أولاً – أن يؤدي الذي عليه تجاه زوجته ، فإن رأى منها تقصيراً في جانب فعسى أن تكون جوانب أخرى فيها تدعوه للإبقاء عليها وعدم تطليقها ، قال تعالى ‏:‏ ‏ ‏فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ‏‏ ‏[ ‏النساء‏ / 19‏ ]‏‏ ،‏ وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏لا يَفْرُك مؤمنًا مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر‏ "‏ ‏‏رواه مسلم ( 1469 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‏ ،‏ ومعنى‏ " ‏يَفْرُك‏ " : أي : يبغض‏ .‏
ونحن نرى أن الزوج قد فعل هذا ، وأنه مع ما يجده من زوجته إلا أنه يصبر على أذاها ، ولعلَّ هذا هو ما تعجبتْ منه الأخت السائلة ، وأنه لماذا لا يطلقها ، فقد يرى الزوج بحكمته وعقله أنه يوجد مجال لإصلاح الزوجة وتغيير طباعها ، ويرى مفاسد تشتت الأسرة وضياع الأولاد بالطلاق أكثر من مفسدة الشجار وتطاولها عليه .
والوصية للزوجة أن تتقي الله تعالى في زوجها ، ولتعلم أنه جنتها ونارها ، فقد تدخل بسببه الجنة وقد تدخل النار ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " انظري أين أنتِ منه – أي : الزوج - فإنما هو جنتكِ وناركِ " – رواه أحمد ( 18524 ) وحسَّنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 220 ) - وقد أوجب الله تعالى عليها طاعته بالمعروف ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بعظم حقه عليها وأنه لو كان آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمر الزوجة أن تسجد لزوجها – كما رواه الترمذي ( 1159 ) وحسَّنه من حديث أبي هريرة - .
فالمرأة العاقلة تؤدي الذي أوجبه الله عليها ، ولا تتعدى حدود الله عز وجل ، ومِن تعدي المرأة على زوجها : سبُّها له ، وكثرة خصامها معه ، وإذا كان ثمة أولاد بينهما كان ذلك– منها – زيادة في الإثم لما في سبِّها له من تسببها في جرأة أولادها على أبيهم ، وفقدان مهابته في قلوبهم ، وهو ما يؤثر سلباً في تربيتهم .
وإذا كنتِ تعلمين من نفسكِ أنه يمكنكِ إصلاح ما أخطأتِ به فعليك بالمبادرة إلى الإصلاح ، وذلك بالاستغفار والتوبة والندم والعزم على عدم العود لمثل تلك الفعال ، كما يجب عليك طلب المسامحة من زوجك ، والقيام بطاعته ومعاشرته بالمعروف ، فتكسبين بذلك رضا الله ، ورضا زوجكِ ، وحسن تربية أبنائك ، وهي السعادة البيتية التي يفتقدها الكثيرون ، وحلُّها بأيديهم ، لكنهم عنها غافلون أو عن إصلاحها مستكبرون .
وإن رأيتِ من نفسك عدم القدرة على إصلاحها أو عدم النية لذلك : فإننا ننصحكِ بالفراق ، وطلب الخلع من زوجك ، وعليك أن تؤدي له ما تصطلحون عليه من المهر أو أقل أو أكثر ليطلقكِ ، وهذا خير لك من التمادي في المعصية وازدياد اكتساب الإثم .
فاحرصي – بارك الله عليكِ – على إصلاح بيتكِ وإسعادِ زوجكِ وتربية أبنائك ، واحرصي على بقائك في عصمته بتحسين خلقكِ والكف عن كل ما ترينه شائناً لك ومفرِّقاً بينكِ وبين زوجكِ ، ونرى في كلامكِ التحسر على ما يصدر منكِ من أفعال مخالفة للشرع ، وهذا طيب ولكنه يحتاج لتقوية وتثبيت ، واحرصي على الدعاء في أوقات الإجابة أن يطهر الله تعالى قلبك وجوارحكِ ، وأن يرزقك حسن الأخلاق ، ولا تترددي بالاعتراف بأخطائك لزوجك ، وتعاهدي معه على الصلح وإصلاح نفسيكما ، والكف عن الشجار والشتائم ، واحرصا على الصحبة الصالحة ، وننصحكما بأداء العمرة معاً ، وأن يكون لكما برنامج لتقوية إيمانكما وزيادة الصلة بينكما كالصيام وقراءة القرآن وسماع الأشرطة المفيدة .
ونسأل الله أن يوفقكما لما فيه خير الدنيا والآخرة .
والله الموفق

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب