الاثنين 27 شوّال 1445 - 6 مايو 2024
العربية

هل يجوز تفويت صلاة الفجر لأمر الطبيب بالنوم ثمان ساعات متواصلة؟

469383

تاريخ النشر : 21-11-2023

المشاهدات : 174

السؤال

أنا شاب مصاب بشحنات زائدة في المخ، التي تطور في بعض الأحيان وتسبب لي نوبات صرع، والحمد لله، أخذ علاجا لها يحد منها، ولكن هناك أمر قاله لي الطبيب وهو: أنه يجب علي أن أترك السهر، وأنام ٨ ساعات متواصلة؛ حتى لا تزيد نسبة عودة الشحنات، المشكلة هنا أن الوقت بين ما بعد صلاة العشاء والفجر، خصوصا في الصيف يكون أقل من ٨ ساعات، مع العلم أيضا أن وقت صلاة الفجر يكون قصيرا، فحتى لو حاولت تأخيرها إلى آخر وقتها فيظل غير كافٍ، وأنا لا أستطيع معاودة النوم إذا استيقظت، حتى لو لم أنم لوقت كامل، فهل يجوز لي تفويتها وقضائها مراعاة لحالتي الصحية؟

الجواب

الحمد لله.

لا يجوز تعمد تأخير الصلاة عن وقتها إلا في الجمع بين الظهرين والعشاءين، فيجوز تأخير الظهر إلى وقت العصر، والمغرب إلى وقت العشاء، لعذر يبيح الجمع كالسفر والمرض.

وأما الفجر فلا يجوز تأخيرها عن وقتها؛ لأنها لا تجمع مع ما بعدها ، ولا مع ما قبلها.

قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) النساء/ 103.

وقال سبحانه: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) مريم/59.

قال ابن مسعود عن الغي: واد في جهنم، بعيد القعر، خبيث الطعم.

قال في "الإقناع" (1/74): " ولا يجوز لمن وجبت عليه: تأخيرها أو بعضها عن وقت الجواز إن كان ذاكرا لها قادرا على فعلها، إلا لمن ينوى الجمع، أو لمشتغل بشرطها الذي يحصله قريبا كالمشتغل بالوضوء والغسل" انتهى.

وتعمد النوم قبل الصلاة حتى يخرج وقتها، بمنزلة تأخيرها بعد دخول وقتها.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " من يتعمد ضبط الساعة إلى ما بعد طلوع الشمس حتى لا يصلي فريضة الفجر في وقتها، فهذا قد تعمد تركها في وقتها، وهو كافر بهذا عند جمع كثير من أهل العلم كفرا أكبر - نسأل الله العافية - لتعمده ترك الصلاة في الوقت، وهكذا إذا تعمد تأخير الصلاة إلى قرب الظهر ثم صلاها عند الظهر، أي: صلاة الفجر.

أما من غلبه النوم حتى فاته الوقت، فهذا لا يضره ذلك، وعليه أن يصلي إذا استيقظ، ولا حرج عليه إذا كان قد غلبه النوم، أو تركها نسيانا، مع فعل الأسباب التي تعينه على الصلاة في الوقت، وعلى أدائها في الجماعة، مثل تركيب الساعة على الوقت، والنوم مبكرا.

أما الإنسان الذي يتعمد تأخيرها إلى ما بعد الوقت، أو يضبط الساعة إلى ما بعد الوقت حتى لا يقوم في الوقت، فهذا عمل متعمد للترك، وقد أتى منكرا عظيما عند جميع العلماء، ولكن هل يكفر أو لا يكفر؟ فهذا فيه خلاف بين العلماء: إذا كان لم يجحد وجوبها فالجمهور يرون: أنه لا يكفر بذلك كفرا أكبر.

وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك كفرا أكبر يخرجه من الملة " انتهى من" فتاوى ابن باز" (10/374).

وعليك بمراجعة طبيب مسلم ثقة، فإن قرر أن النوم لثمان ساعات متواصلة ضروري لعلاجك، فلا حرج أن تجمع العشاء مع المغرب جمع تقديم، ثم تنام إلى الفجر، إن كان ذلك كافيا،  أو إلى قرب طلوع الشمس، ثم تستيقظ قبل الشروق بوقت يسع طهارتك وصلاتك.

وتكون معذورا في ترك الجماعة في الجمع بين الصلاتين، وترك الجماعة في المسجد.

وقد اعتمد الفقهاء قول الطبيب الثقة في هذا الباب.

قال في "كشاف القناع" (1/501): "(وإذا قال طبيب) - سمي بذلك لفطنته وحذقه - (مسلم ثقة) أي: عدل ضابط، فلا يقبل خبر كافر ولا فاسق،؛ لأنه أمر ديني، فاشترط له ذلك كغيره من أمور الدين (حاذق فطن، لمريض: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك؛ فله) أي المريض (ذلك) أي الصلاة مستلقيا، (ولو مع قدرته على القيام) ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى جالسا حين جُحش شقه، والظاهر: أنه لم يكن لعجزه عن القيام، بل فعله إما للمشقة، أو وجود الضرر؛ أشبه المرض، وتركه وسيلة إلى العافية وهي مطلوبة شرعا" انتهى.

وحاصل ذلك: الترخيص بترك ركن القيام اعتمادا، على قول الطبيب الثقة. وهو موطن الشاهد منه هنا.

ويمكنك أيضا أن تجعل نومك بالنهار، إذا لم يضر ذلك بمعيشتك؛ فتصلي الفجر، ثم تنام ثماني ساعات، وتصلي الظهر إذا استيقظت قبل أذان العصر.

والحاصل:

أنه لا حرج في الجمع بناء على قول الطبيب، وأما تأخير الفجر عن طلوع الشمس فلا يجوز.

ونسأل الله لك شفاء عاجلا لا يغادر سقما.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب