الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل ورد نص صحيح في صفة مقتل يحيى عليه السلام؟

470412

تاريخ النشر : 01-10-2023

المشاهدات : 41103

السؤال

هل هناك نص صريح عن طريقة قتل سيدنا يحيى عليه السلام؟ رأيت عدة روايات عن قطع رأسه، ووضعها في طست، ولكن لا أعلم مدى صحتها.

ملخص الجواب

لم يرد حديث صحيح مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة مقتل يحيى عليه السلام وكيفية ذلك، وأقوى ما ورد في هذا خبر أسماء رضي الله عنها، لكن لم يفصل كيفية قتله عليه السلام.

الجواب

الحمد لله.

غاية ما ورد في الوحي؛ هو أن بني إسرائيل وقع منهم قتل لبعض الأنبياء.

كما في قوله تعالى: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ البقرة/61.

وكما في قوله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا النساء/155.

وأما قتل يحيى عليه السلام على وجه الخصوص، فلم يرد في القرآن ولا في السنة الصحيحة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم خبر قتله، ولا كيفية ذلك.

لكن قد اشتهر هذا الأمر عند الصحابة والتابعين، فمن ذلك:

ما وراه ابن أبي شيبة في "المصنف" (17/533) بسند رواته ثقات، قال: حدثنا ابن عيينة، عن منصور ابن صفية، عن أمه قال: " دخل ابن عمر المسجد وابن الزبير مصلوب، فقالوا: هذه أسماء، قال: فأتاها، فذكَّرها، ووعظها، وقال لها: إن الجيفة ليست بشيء، وإنما الأرواح عند اللَّه، فاصبري واحتسبي، فقالت: وما يمنعني من الصبر، وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل".

وصححه محققو المصنف.

وروى ابن أبي شيبة أيضا، في "المصنف" (17/533)، بسند رواته ثقات، قال: حدثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: " ما قتل يحيى بن زكريا إلا في امرأة بغي قالت لصاحبها: لا أرضى عنك حتى تأتيني برأسه، قال: فذبحه، فأتاها برأسه في طشت ".

وروى الطبري في "التاريخ" (1/586) بسند ظاهره الحسن: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " بعث عيسى ابن مريم يحيى بن زكرياء، في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس، قال: فكان فيما نهوهم عنه نكاح ابنة الأخ قال: وكان لملكهم ابنة أخ تعجبه، يريد أن يتزوجها، وكانت لها كل يوم حاجة يقضيها، فلما بلغ ذلك أمها قالت لها: إذا دخلت على الملك، فسألك حاجتك فقولي: حاجتي أن تذبح لي يحيى بن زكرياء، فلما دخلت عليه سألها حاجتها، قالت: حاجتي أن تذبح لي يحيى بن زكرياء، فقال: سليني غير هذا، قالت: ما أسألك إلا هذا، قال: فلما أبت عليه دعا يحيى، ودعا بطست فذبحه".

ولا يعلم هل هذا الخبر مما سُمع من النبي صلى الله عليه وسلم، او مما سمعوه من أهل الكتاب من أخبارهم، فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم بالتحديث عنهم، من غير تصديق لهم ولا تكذيب.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ) الآيَةَ " رواه البخاري (4485).

وعن ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ رواه أبوداود (3644)، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6 / 712).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" ... ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ )، رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو؛ ولهذا كان عبد الله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك، ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام:

أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.

والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.

والثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (13/366).

لكن خبر أسماء رضي الله عنها يشير إلى أنها مصدقة بالخبر، ولم يعُرف عنها أنها كانت تأخذ عن أهل الكتاب أخبارهم، فهو أقوى ما يستدل به على مقتل يحيى عليه السلام.

وأما رواية الطبري فمع حسن سندها، إلا أنه يحتمل جدا أن تكون مما أخذ عن أهل الكتاب، فقد يقع فيما يروى عن ابن عباس بعض أخبار أهل الكتاب.

وطالع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (382317).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب