الحمد لله.
دمج خاتم الذهب مع الخاتم الآخر وجعله يحيط بجوانبه لا يغير حكمه، فهذا ليس من اليسير التابع؛ بل هو أصيل في هذا الخاتم ويمثل نسبة كبيرة ظاهرة منه، وفِعْل مثل ذلك في الخواتم معتادٌ، بل هو زينةٌ مقصودةٌ.
وقد جاء الوعيد الشديد في لبس خاتم الذهب، وأنت في غنى بما أباح الله لك من الزينة المباحة عن إقحام نفسك مواطن الحرام أو الشبهات، ففي الحديث عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ ، فَطَرَحَهُ ، وَقَالَ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ ! فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قَالَ: لا وَاللَّهِ، لا آخُذُهُ أَبَدًا، وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه مسلم (2090).
قال النووي رحمه الله: "وأما خاتم الذهب فهو حرام على الرجل بالإجماع، وكذا لو كان بعضه ذهبا وبعضه فضة" انتهى من "شرح النووي على مسلم" (14/ 32).
ثانياً:
أما ما أشرت إليه من جواز لبس اليسير، فقد ورد في حديث معاوية رضي الله عنه أنه قال لجماعة من الصحابة: أنشدكم الله، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا؟ " قالوا: اللهم نعم، قال: وأنا أشهد" رواه النسائي (4758) وصححه الألباني.
فليس المراد به ما كان من باب الزينة ، كلبس خاتم نصفه من ذهب ، وإنما ما كان يسيراً تابعاً في السيف ونحوه مما تدعو الحاجة إليه ، كما ذكره أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في ذكر الروايات عن الإمام أحمد في "يسير الذهب": "وعنه رواية ثالثة: أنه يباح اليسيرُ لحاجةٍ، سواء كان مفردًا، أو تابعًا، ولا يباح للتزيُّن.
وهي المنصوصة عنه صريحًا، وكذلك ذكر القاضي في اللباس. قال في رواية صالح وعبد الله وأبي طالب وأبي الحارث ــ واللفظ له ــ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن لُبس الذهب إلا مقطَّعًا. قال: الشيء اليسير، كشدِّ أسنانه، وما كان مثلَه مما لا يتزيَّن به الرجل. فأمَّا الخاتم ونحوه، فلا.
وذلك لأنه قد دلَّ ذلك على أن القطع من الذهب ــ وهو اليسير منه ــ مباح مطلقًا [يعني: مفردا وتابعا]، لكن لا بدَّ أن يكون لحاجة، لأنه قد دلَّت النصوص على تحريم خاتم الذهب ونحوه" انتهى من "شرح العمدة" (2/310).
وينظر: "تهديب سنن أبي داود" لابن القيم (3/87).
والله أعلم.
تعليق