الحمد لله.
أولا:
الأدلة متظافرة على وجوب صلاة الجماعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " والذي ينبغي له أن لا يترك حضور الجماعة في المسجد إلا لعذر كما دلت على ذلك السنن والآثار، والله أعلم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/255).
وقد سبق بيان هذا في عدة أجوبة، كجواب السؤال رقم: (8918).
وعلى المسلم أن يصلي مع جماعة المسجد ولو كره الإمام.
وقد ترجم البخاري، رحمه الله في "صحيحه" (1/141): " بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ " .
قال: وَقَالَ الحَسَنُ: صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ.
ثم روى: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، - وَهُوَ مَحْصُورٌ - فَقَالَ: إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى، وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ، وَنَتَحَرَّجُ؟ فَقَالَ: "الصَّلاَةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ".
سُئِل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" دخلت المسجد لأصلي ففوجئت بإمام لا أحب أن أصلي وراءه، فماذا يجب علي أن أفعل لكي أكسب أجر صلاة الجماعة؟
فأجاب فضيلته بقوله: "إذا دخلت المسجد لأداء صلاة الجماعة ووجدتهم يصلون فصل معهم حتى وإن كان الإمام ممن تكرهه؛ لأن صلاة الجماعة واجبة، وقد حصلت لك، فلا يحل لك أن تفرط فيها .
ولكن يبقى النظر لماذا كرهت هذا الرجل، هل هو لخلل في دينه، أو لعداوة شخصية بينكما؟
فإن كان لعداوة شخصية بينكما، فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يزيل ما بينه وبين أخيه من الأحقاد، وأن يجعل بدل هذه الأحقاد ألفة ومحبة لأن الله تعالى قال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) والأخوة ينافيها الحقد والعداوة والبغضاء، وبإمكان الإنسان أن يذلل كل الصعاب التي تحول بينه وبين حلول الإلفة مع إخوانه المؤمنين.
وأما إذا كانت كراهتك له لخلل في دينه، فإن الواجب عليك أن تناصحه، وتبين له ذلك الخلل حتى يقوم بإصلاحه ويستقيم على أمر الله.
وأما ترك الناس بعضهم بعضاً إذا رأوا منهم خللاً في دينهم وإضمار الحقد والعداوة لهم فإن هذا خلاف حال المؤمنين الذين قال الله فيهم (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (15/163).
ثانيا:
من خالف ما يلزمه من الدخول مع الجماعة التي حضرها في المسجد، والائتمام بإمام الصلاة: وصلى منفردا، فقد أساء، لكن تصح صلاته، كما هو قول جماهير أهل العلم بأن الجماعة ليست شرطا لصحة الصلاة.
سُئِلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء":
" هل تجزئ صلاة الفرد بدون الجماعة، مع علمنا بوجوب الجماعة؟
الجواب: صلاة الجماعة واجبة، ومن صلى وحده مع وجود الجماعة، وقدرته على الحضور معهم: أثم، وصحت صلاته؛ لما ورد في ذلك من الأدلة الشرعية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (7/291).
والله أعلم.
تعليق