الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما حكم العمل في شركة تصنع صناديق الموتى لغير المسلمين؟

476466

تاريخ النشر : 16-12-2023

المشاهدات : 2059

السؤال


انا اعيش في بلاد مهجر وأريد عمل في شركة تصنيع صناديق للاموات هل يجوز عمل فيها

ملخص الجواب

يحوز صناعة التوابيت لدفن الكفار إذا لم يكن عليها شعارات من خصائص دينهم.  

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

الدفن في التابوت بالنسبة للمسلم مكروه عند عامة الفقهاء، إلا إذا كان لمصلحة، وهذا فيما يخص المسلم؛ لأن السنة وردت بدفن الموتى، إما في اللحد، وإما في الشق.

قال النووي رحمه الله: "‌أجمع ‌العلماء ‌أن ‌الدفن ‌في ‌اللحد ‌وفي ‌الشق ‌جائزان، لكن إن كانت الأرض صلبة لا ينهار ترابها فاللحد أفضل، وإن كانت رخوة تنهار فالشق أفضل". انتهى من "المجموع شرح المهذب" (5/ 287).

وقال ابن قدامة: "وَلا يُسْتَحَبُّ الدَّفْنُ فِي تَابُوتٍ ; لأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلا أَصْحَابِهِ، وَفِيهِ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الدُّنْيَا , وَالأَرْضُ أَنْشَفُ لِفَضَلاتِهِ" انتهى من "المغني" (3/ 435).

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة: "لم يعرف وضع الميت في تابوت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم، وخير للمسلمين أن يسيروا على نهجهم، ولذا كُره وضع الميت في تابوت ، سواء كانت الأرض صلبة أو رخوة أم نديّة ، وإذا أوصى بوضعه في تابوت لم تنفذ وصيته . وأجاز الشافعية إذا كانت الأرض رخوة أو ندية، ولا تنفذ وصيّته عندهم إلا في مثل هذه الحالة" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة "(2/312).

وأما الكفار، فقد رماهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقليب يوم بدر، ونص الفقهاء على أنه يحفر لهم، أو يوارون بالتراب؛ فدل على أنه لا يلزم  فيهم من سنة الدفن، ما يلزم للمسلم، وإنما يكون ذلك بحسب الحال.

ثانياً:

مما جرت عليه أنظمة الدفن في البلاد التي تسأل عنها: أنهم يدفنون موتاهم بالتوابيت.

ولا يظهر مانع شرعي من عملك في صناعة التوابيت التي يدفن بها الناس في بلاد الكفر، ما لم يكن فيها علامات من خصائص دينهم كالصليب ونحوه.

قال الخلال: " وسئل الإمام أحمد عن الرجل المسلم يحفر لأهل الذمة قبرًا بِكِرًى [أي : بأجرة]؟ قَالَ: لا بأس به" انتهى من "أحكام أهل الملل والردة" (ص: 118).

وذكر بعضهم الكراهة في ذلك، مفسراً الناووس الذي كرهه الفقهاء بالتابوت، وأكثر الفقهاء على أنه غير التابوت، وأنه مقبرة الكفار من كتابيين ومجوس.

قال ابن هانئ: وسأل الإمامَ أحمد بنّاءٌ: فقال: أَبْنِي للمجوس ‌النواويس؟

قال: لا تبن لهم ناووسًا ولا غيره" انتهى من "الجامع لعلوم الإمام أحمد" (9/ 465).

قال البهوتي رحمه الله: "ويُكره دفن المسلم للذمي إن كان المدفون فيه ناووسًا؛ لأن فيه إعانة على مكروه". والناووس: حجر يُنقر ويُوضع فيه الميت" انتهى من "كشاف القناع" (9/ 62).

وذكر بعض أهل العلم أنه لا يفعله للكفار، لأنه من خصائص دينهم، وكلام الفقهاء المتقدم يدل على أنه ليس من خصائصهم، وأن المسلم يجوز دفنه في التابوت للمصلحة، وأنه يكره لغير المصلحة.

وعليه؛ فإذا كانت لك حاجة بهذا العمل، فيجوز لك العمل فيه بالضابط الذي سبق ذكره، من عدم وجود شيء من رموزهم الدينية على التابوت.

وإن وجدت عملاً آخر، وتركت هذا : فهو أحسن؛ أنقى لدينك، وأطهر وأبرك لمالك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب