الحمد لله.
أولا:
لا يجوز طلب الطلاق أو الخلع إلا لعذر يبيح ذلك؛ لما روى أحمد (22440)، وأبو داود (2226)، والترمذي (1187)، وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان كما ذكر الحافظ في الفتح (9/ 403)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"، وشعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
قال في عون المعبود (6/ 220): " أي : لغير شدة تلجئها إلى سؤال المفارقة، وما زائدة للتأكيد" انتهى.
وروى النسائي (3461)، والترمذي (1186) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (الْمُنْتَزِعَاتُ وَالْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ) وصححه الألباني.
قال المناوي في "فيض القدير" (2/387): " (المختلعات) أي : اللاتي يطلبن من أزواجهن الخلع، ويبذلن لأجله المال بلا عذر، (والمتنزعات) أي : الجاذبات أنفسهن من أزواجهن بأن يردن قطع الوصلة بالفراق، يقال: نزع الشيء من يده جذبه" انتهى.
ثانيا:
يباح للزوج أو الزوجة طلب تأجيل الزفاف إلى المدة التي جرى بها العرف، ويلزمه تسلم زوجته والنفقة عليها إذا بذلت نفسها ومضت المدة، أو زادت عن العرف.
قال في "كشاف القناع" (5/ 186): " (ويلزمه) أي: الزوج (تسلّمها) أي: تسلّم زوجته (إن بذلته) فتلزمه النفقة، تَسَلَّمها أم لا؛ لوجود التمكين ...
(وإن) طلب الزوج زوجته، و (سألت الإنظار، أُنظرت مدّةً جرت العادة بإصلاح أمرها فيها، كاليومين والثلاثة) لأن ذلك من حاجتها، فإذا مُنع منه كان تعسيرًا، فوجب إمهالها طلبًا لليسر والسهولة.
والمرجع في ذلك إلى العُرف بين الناس؛ لأنه لا تقدير فيه، فرجب الرجوع فيه إلى العادة.
و (لا) تُمْهل (لعمل جَهاز). وفي "الغنية": إن استمهلتْ هي أو أهلها، استُحِبَّ له إجابتُهم ما يعلم به التهيؤ، من شراء جهاز وتزيُّن.
(وكذا لو سأل هو) أي: الزوج (الإنظارَ) فَيُنْظَر ما جرت به العادة؛ لما تقدم" انتهى.
ثالثا:
الذي يظهر لنا أن ما ذكرت من التأجيل والتسويف والإهمال يعتبر عذرا لك في طلب الطلاق، أو الخلع، وذلك أن كثرة التأجيل مع عدم العذر الملجيء لذلك، ومع عدم الاعتذار، يدل على عدم الرغبة، أو عدم الجدية في إتمام الزواج وتحمل تبعاته، ويوجب الأذى، وإدخال الغم على المرأة وأهلها، فلا خير لك في الاستمرار في نكاح هذا أوله.
والظاهر أن الزوج يريد الفراق لكن يضنّ بنصف المهر، أو بالمهر كله لو كان قد حدث خلوة، فينتظر من الزوجة طلب الخلع، أو الطلاق على عوض.
والذي ننصحك به أن تفارقيه، ولو بالخلع والتنازل عن المهر، ولعل الله أن يرزقك خيرا منه ويخلف عليك خيرا.
وإذا طلبت الطلاق، وكان يريدك حقا، فسيُظهر ذلك، ويحرص على إتمام الزواج، ويبدي عذرا مقبولا، فإن حصل ذلك، فأعيدي النظر، واستخيري واستشيري.
ونسأل الله أن يهيئ لك من أمرك رشدا.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (175624).
والله أعلم.
تعليق