الحمد لله.
الحضور إلى وليمة عرس دون دعوة له أحوال:
الحالة الأولى:
أن تكون الوليمة مخصصة لمن دعاهم صاحبها فقط، كما هو حال كثير من ولائم هذا العصر.
فمثل هذه الوليمة: لا يجوز الحضور إليها إلا بدعوة، أو إذن من صاحب الوليمة.
قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا ... الأحزاب/53.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" ثم استثنى من ذلك فقال: ( إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ).
قال مجاهد وقتادة وغيرهما: أي غير متحيِّنين نُضْجَه، واستواءه، أي: لا ترقبوا الطعام، حتى إذا قارب الاستواء، تعرضتم للدخول، فإن هذا يكرهه الله، ويذمه.
وهذا دليل على تحريم التطفيل، وهو الذي تسميه العرب الضَّيْفَن، وقد صنف الخطيب البغدادي في ذلك كتابا في ذم الطفيليين. وذكر من أخبارهم أشياء يطول إيرادها " انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/454).
وجاء في "شرح الخرشي على مختصر خليل" (3/304):
" ( ولا يدخل غير مدعو إلا بإذن ) ؛ يعني: أن من أتى إلى مكان الوليمة من غير دعوة، فإنه لا يدخل إلا بإذن، ولا يجوز له ذلك؛ وسواء أكل أو لم يأكل " انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (20/335):
" التطفل على الدعوات:
لا يجوز أن يدخل إلى الولائم وغيرها من الدعوات من لم يُدْعَ إليها، فإن في هذا دَناءةً ومَذَلَّة، ولا يليق ذلك بالمؤمن...
ومن يفعل ذلك يسمى الطُّفَيلي.
وعلى هذا؛ فالتطفل حرام عند جمهور الفقهاء، ما لم يكن غير المدعو تابعا لمدعو ذي قدر، يُعلَم أنه لا يحضر وحده عادة؛ فلا يحرم، لأنه مدعو حُكْما بدعوة متبوعه … " انتهى.
ويستثنى من ذلك أن يعلم الحاضر بغير دعوةٍ: أن صاحب الوليمة سيرضى بحضوره، ويسعد، لما بينهما من صداقة أو قرابة، أو لما يعلم من كرمه وفرحه بالضيوف.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" … لكن إذا علمت من صاحبك أنه يفرح بمجيئك: فهذا ليس بطفيلي، بل هو من المروءة والتواضع، وكثير من الناس ـ.. إذا جئت إليه بدون دعوة يكون أحب إليه ويفرح كثيرا، ويظهر عليه أثر الفرح " انتهى من "الشرح الممتع" (15/ 428).
الحال الثانية:
أن يكون عُرف صاحب الوليمة: أن يأذن لكل حاضر، ولا يَخص طعامه بمن وجه لهم الدعوة، ففي هذه الحال لا حرج من حضور غير المدعو وأكله.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" وقد استقرت قواعد الشرع على أن الإذن العرفي كاللفظي " انتهى. "مدارج السالكين" (2 / 1019).
وجاء في "مغني المحتاج" (4 / 410):
" ويحرم التطفل، وهو حضور الوليمة من غير دعوة؛ إلا إذا علم رضا المالك به، لما بينهما من الأنس والانبساط.
وقيد ذلك الإمامُ [يعني: الجويني] بالدعوة الخاصة.
أما العامة؛ كأن فتح الباب ليدخل من شاء: فلا تَطَفُّل " انتهى.
والله أعلم.
تعليق