الحمد لله.
الذي يظهر لنا أن ما تميل له أختك من قبول شرط الخاطب بترك مواصلة الدكتوراه والتفرغ لشؤون بيتها وأسرتها هو الصواب، وهو شرط يوافق مقتضى الحياة الزوجية المستقرة، فليس المطلوب من المرأة تحصيل الألقاب الجامعية.
فالأصل أنّ وظيفة المرأة الأولى هي إدارة بيتها، ورعاية أسرتها، وتربية أولادها، وحسن تبعُّلها لزوجها، ولذلك فالمرأة في الشريعة الإسلامية غير مطالبة من حيث الأصل بالإنفاق على نفسها، وإنما نفقتها تكون على أبيها قبل زواجها أو على زوجها بعده، أو وليها من الرجال أو بيت المال-إن وُجد- وقد ذكر المفسرون هذا المعنى في تفسير قوله تعالى: (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) طه:/117.
قال القرطبي رحمه الله: "وإنما خصه بذكر الشقاء، ولم يقل: فتشقيان؛ يعلمنا أن نفقة الزوجة على الزوج، فمن يومئذ جرت نفقة النساء على الأزواج، فلما كانت نفقة حواء على آدم، كذلك نفقات بناتها على بني آدم بحق الزوجية" انتهى من "تفسير القرطبي" (11/ 253).
وقال الشنقيطي رحمه الله في تفسير الآية: "دل ذلك على أنه هو المكلف بالكد عليها وتحصيل لوازم الحياة الضرورية لها: من مطعم، ومشرب، وملبس، ومسكن". انتهى من "أضواء البيان" (4/ 654).
ولأجل ذلك كان لزوم المرأة لبيتها هو الأصل، لقوله الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب: 33]. وقوله صلى الله عليه وسلم: (وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا ومسؤولة عَنْ رَعِيَّتِهَا) رواه البخاري (853).
وحكمة الشارع من قرار المرأة في البيت، تلائم الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولذا نجد أن العلماء شدَّدوا في خروج المرأة من بيتها، ولم يجيزوا ذلك إلا لضرورة أو حاجة، وذلك لما يترتب من مفاسد عظيمة على التهاون في هذا الباب.
وخروج المرأة للعمل أو لتحصيل الشهادات والألقاب الأكاديمية ذلك غالبا ما يكون على حساب سعادتها واستقرارها الاجتماعي ورعاية بيتها وأولادها.
ونشد على يديها بقبول الخاطب والموافقة على شروطه، ما دام مرضي الخلق والدين، ويظهر من حاله القدرة المادية على تحمل أعباء الأسرة، ونفقاتها.
نسأل الله أن يتم لهم بخير، ويسعدهم في الدارين.
والله أعلم.
تعليق