من قال: طلقت امرأتي وهو كاذب، طلقت عند الحنابلة، ولا يقطع الطلاق عند أكثر العلماء إلا إذا رفع الأمر للقضاء، وإن كان له زوجة وطليقة وقصد طليقته لم تطلق زوجته.
إذا قال: طلقت زوجتي، فهل تطلق زوجته الحالية إن قصد بكلامه طليقته؟
السؤال: 484181
أعلم وفقا للفقه الحنبلي، أنّ الرجل إذا أخبر أحدا أنّه طلَّق زوجته، وهو لم يطلقها في الحقيقة، فإنَّ الطلاق يقع، حتى لو لم يكن مقصودا أو صحيحا، إذا أخبر رجل شخصًا أنه طلق زوجته، وكان يتحدث عن زوجته الأولى، وليس عن زوجته الحالية ربما فُهِمَت الكلمات التي قالها، وكأنه يتحدث عن زوجته الحالية، فهل ذلك لن يجعل الطلاق صحيحًا لزوجته الحالية بشكل تلقائي؟ وإذا كان الطلاق نافذاً لأنَّ المستمع ربما أساء فهمه، لكن ماذا لو قيل للمستمع لاحقاً أنَّ الكلمات قيلت للمرة الأولى، فهل يظل نافذا؟ الجواب حسب الفقه الحنبلي: هل إذا أخبر الرجل شخصًا أنه طلَّق زوجته فإن الطلاق يقعُ بغضِّ النظر عن النية؟ فهل هذا فقط وفقًا للفقه الحنبلي، وليس وفقًا للمذاهب الأخرى والقرآن والحديث؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولا:
إذا قال الرجل: قد طلقت زوجتي، طلقت زوجته، سواء كان صادقا أو كاذبا، نوى الطلاق أو لم ينوه؛ لأنه لفظ صريح فلا يشترط لوقوع الطلاق به نية.
هذا مذهب الحنابلة.
قال البهوتي الحنبلي رحمه الله في " الروض المربع " (5/501) : "ولو سئل: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم، وقع الطلاق ولو أراد الكذب " انتهى.
في "المغني" (7/ 306) : " فأما إن قال: طلقتها، وأراد الكذب، طلقت؛ لأن لفظ الطلاق صريح يقع به الطلاق من غير نية" انتهى.
فإن كان قد طلق زوجته الأولى، وله زوجة ثانية، وأراد بخبره زوجته الأولى، لم يلحق الثانية شيء، حتى لو فهم السامع أنه يريد زوجته الثانية؛ لأن النية معتبرة في تعيين الزوجة المراد طلاقها.
قال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع (4/ 527): "(ولو قال) السيد: (عبدي أو أمتي حر، أو) قال: زوجتي طالق (ولم ينو معينا) من عبيده ولا إمائه وزوجاته (عتق كل) من عبيده وإمائه.
(وطلق كل نسائه؛ لأنه) أي لفظ عبدي أو أمتي أو زوجتي (مفرد مضاف فيعم) العبيد أو الإماء أو الزوجات" انتهى.
وقال ابن رجب في "القواعد" (2/ 348): "إذا قال: زوجتي طالق أو عبدي حر وله زوجتان وعبيد، فالمنصوص أنه يقع الطلاق والعتق بالجميع إلا أن ينوي عددا معينا؛ لأن اسم الجنس المضاف للعموم فهو كالجمع المعروف . ذكر صاحب المغني احتمالا ورجحه أنه لا يقع الطلاق والعتاق مع إطلاق النية إلا بواحد؛ لأن اللفظ صالح للواحد والجميع فحمله على الواحد أولى؛ لأنه المتيقن ولو كان الجمع أظهر فيه؛ ترجيحا للأصل على الظاهر" انتهى.
فلو نوى معينة منهن لم تطلق غيرها. ولو نوى هنا زوجته السابقة، لم تطلق الحالية.
والقول بطلاق الجميع هو من مفردات الحنابلة.
وينظر: "معونة أولي النهى" (8/ 359).
ثانيا:
إذا قال: زوجتي طالق، أو طلقت زوجتي، وله أكثر من زوجة، لم تطلق إلا زوجة واحدة عند الجمهور، وعليه أن يعيّنها.
قال الزركشي رحمه الله في "البحر المحيط" (4/ 148): " فرع: كان له أربع زوجات فقال : زوجتي طالق، وقع على واحدة، وعليه البيان. قاله الروياني في " البحر ". وعن ابن عباس وأحمد بن حنبل تطلق الأربع؛ لأن لفظ الواحد في الأيمان قد يعبر به عن الجنس، كقوله تعالى : أحل لكم ليلة الصيام وأراد ليالي الصيام، وأجاب بأنه مجاز، والكلام يحال على الحقيقة ما أمكن، وهو إنما أوقع الطلاق على واحدة، فلا يقع على الجماعة .
قلت : وهذا الفرع مخالف لتعميم المضاف، ويجاب عنه بما سبق في " الطلاق يلزمني " من أن الأصل فيه التعميم، وإنما خص هذه الصورة وأمثالها بنقل العرف لها عن موضوعها اللغوي" انتهى.
وينظر: "مصنف" ابن أبي شيبة (4/ 37)، "أسنى المطالب" (3/ 297).
ثالثا:
إذا قال: طلقت زوجتي، وهو كاذب، فإن الطلاق فيما بينه وبين امرأته لا يقع عند أكثر العلماء.
فإذا وصل الأمر إلى القاضي فإنه يحكم بوقوع الطلاق، لأن القاضي يحكم بناء على ما يظهر من الألفاظ .
جاء في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (حنفي) (3 / 264): " وَلَوْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ كَاذِبٌ وَقَعَ فِي الْقَضَاءِ" انتهـى.
وفي "الشرح الكبير" للشيخ الدردير ، و" حاشية الدسوقي" (مالكي) (2 / 390) : "فَإِنْ ادَّعَى الْإِخْبَارَ كَذِبًا: دُيِّنَ عِنْدَ الْمُفْتِي" انتهى .
وفي " حاشية الجمل على شرح المنهج " (شافعي) (4 / 381) :"وَلَوْ قِيلَ لَهُ اسْتِخْبَارًا : أَطَلَّقْتهَا ؟ أَيْ : زَوْجَتَك ، فَقَالَ : نَعَمْ ، فَإِقْرَارٌ بِهِ ، أَيْ بِالطَّلَاقِ ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الْبَاطِنِ" انتهى .
وقد ذهب إلى هذا القول بعض الحنابلة ِ، فقد ذكره ابن مفلح في " الفروع " (9/47) عن ابن أبي موسى الحنبلي .
وينظر: جواب السؤال رقم:(224906).
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟