الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

وهب أولاده شققا واشترط أن يكون إيجارها له مدة حياته، فما الحكم؟

486645

تاريخ النشر : 17-01-2024

المشاهدات : 1083

السؤال

والدي رحمه الله تعالى، كان يملك عمارة بها شققا سكنية، مؤجرة، وقام بمنح جميع أبنائه وبناته شقة لكل واحد، بموجب صك شرعي مستقل باسم كل ابن/ابنة، واشترط الوالد بعد نقل الملكية للأبناء أن يكون دخل إيجارات هذه الشقق له في حياته، وبعد وفاته يكون الدخل لمالك الشقة، واشترط بعد وفاته أن تكون الايجارات لأبنائه وبناته، ووافق جميع أبنائه وبناته، واستمر الحال حتى وفاته رحمه الله، والحمد لله منذ ١٨ عام الايجارات المستلمة تودع في حساب الوالد حتى توفاه الله تعالى، غفر الله تعالى له. ‏الاسئلة: ١- ‏قبل وفاة الوالد رحمه الله بأشهر كانت هناك مبالغ مستلمة، وتوجد نية إيداعه، وتأخرت في ايداعها بحسابه حتى توفاه الله تعالى. هل يتم ايداع المبلغ بحسابه، حسب شرط الوالد؛ لاني استلمته في حياته، وبالتالي ستوزع على الورثة بالأنصبة الشرعية؟ أو تودع بحساب مالك الشقة، الابن/الابنة)؟ ٢- بعض المستأجرين متأخرين بسداد إيجاراتهم المستحقة قبل وفاة الوالد، وتم استلامه بعد وفاة الوالد رحمه الله، ولكن يفترض أن تستلم في حياته لتودع في حسابه. • هل الايجارات المستلمة تدخل بحساب الوالد حسب شرط الوالد، وبالتالي سيوزع على الورثة بالأنصبة الشرعية؟ أو تودع بحساب مالك الشقة، الابن/الابنة، لأن الاستلام بعد وفاته؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

لا حرج على الأب أن يقسم أملاكه أو بعضها على أولاده في حياته ، وتكون هبة منه لهم .

والأقرب في هذا أن يعطى الذكر ضعف الأنثى ، كما هي قسمة الميراث ، لأنه لا أعدل من قسمة الله تعالى .

وبعض أهل العلم يرى أن العدل في الهبة: أن تكون بالتساوي، لا فرق بين ذكر وأنثى، ولا يجري بها مجرى قسمة الميراث.

ولكن ما دام ذلك قد حصل بالتراضي بين الأولاد جميعًا ، فلا حرج في ذلك ، وهي هبة صحيحة، نافذة، بلا إشكال.

سئل الشيخ عبد العزيز بن بن باز رحمه الله :

هل يجوز لي أن أعطي أحد أبنائي ما لا أعطيه لآخر لكون الآخر غنيّاً ؟

فأجاب :

"ليس لكِ أن تخصي أحد أولادك الذكور والإناث بشيء دون الآخر ، بل الواجب العدل بينهم حسب الميراث ، أو تركهم جميعا ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) متفق على صحته.

لكن إذا رضوا بتخصيص أحد منهم بشيء : فلا بأس ، إذا كان الراضون بالغين ، مرشدين ، وهكذا إن كان في أولادك من هو مقصِّر ، عاجز عن الكسب ، لمرض ، أو علة مانعة من الكسب ، وليس له والد ، ولا أخ ينفق عليه ، وليس له مرتب من الدولة يقوم بحاجته : فإنه يلزمك أن تنفقي عليه قدر حاجته ، حتى يغنيه الله عن ذلك" انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " (20 / 50- 51).

ثانيا:

اختلف العلماء في جواز اشتراط شرط في الهبة ، والصحيح جوازه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " واعلم أن الأصل في جميع الشروط في العقود الصحة ، حتى يقوم دليل على المنع؛ والدليل على ذلك عموم الأدلة الآمرة بالوفاء بالعقد: (ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) ، (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) ، وكذلك الحديث الذي روي عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام : (المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا) . وكذلك قوله ـ عليه الصلاة والسلام : (كل شرط ليس فيه كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) .

فالحاصل: أن الأصل في الشروط الحل والصحة، سواء في النكاح، أو في البيع، أو في الإجارة، أو في الرهن، أو في الوقف.

وحكم الشروط المشروطة في العقود، إذا كانت صحيحة : أنه يجب الوفاء بها، في النكاح وغيره؛ لعموم قوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) فإن الوفاء بالعقد يتضمن الوفاء به، وبما تضمنه من شروط وصفات؛ لأنه كله داخل في العقد" انتهى من "الشرح الممتع" (12/163).

فما دام الوالد رحمه الله قد اشترط أن يكون الإيجار له مدة حياته ، فهذا الشرط صحيح يجب على الأولاد العمل به .

وبناء عليه ؛ فكل ما كان يستحقه في حياته فهو له ، ويوضع في حسابه ، ويقسم على الورثة جميعا ، حسب نصيب كل واحد منهم الشرعي ، سواء أكان قد استلم هذه الأموال فعلا ووضعت في حسابه ، أم استلمها ولم توضع في حسابه ، أم لم يستلمها من الأصل ، وبقيت ديونا على المستأجرين ، لأن كل هذا مما استحقه الوالد في حياته ، فهو داخل في الشرط الذي اشترطه .

وبهذا يتبين الجواب على السؤالين :

1 – فالأموال التي استُلمت ولم توضع في حسابه ، هي ملك له ، تقسم على جميع الورثة ، وليست من حق صاحب الشقة ، لأن صاحب الشقة لا يستحق الإيجار إلا بعد وفاة الوالد .

2 – وكذلك الديون التي عند بعض المستأجرين هي حق للوالد ، وليست حقا لصاحب الشقة .

والله أعلم .


 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب