الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

ما حكم أخذ المال المتبقي عند البائع بعملة أخرى؟

486872

تاريخ النشر : 18-12-2023

المشاهدات : 1054

السؤال

ما حكم رد باقي ثمن السلعة بغير العملة التي دفعتها، مثلا اشتريت بطارية ب ٩٠ دولارا، وأعطيت البائع ١٠٠ دولار فرد لي ال ١٠ دولار عملة تركية؟

الجواب

الحمد لله.

إذا تبايعت أنت وصاحبك على أن ثمن السلعة بالدولار، مثلا، كما في السؤال، وبقيت لك عنده بقية، فهذا له حالان:

الأولى: أن تتفقا على أن يعطيك الباقي بعملة أخرى، كما في سؤالك؛ فهذا يشترط فيه أن يتم في نفس المجلس؛ فلا تتفرقا وبينكما شيء.

قال ابن المنذر رحمه الله: " وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا، أن الصرف فاسد" انتهى من "الإشراف على مذاهب العلماء" (6/61).

قال ابن عبد البر رحمه الله: "وكان أحمد بن حنبل يقول: يأخذ الدنانير من الدراهم، والدراهم من الدنانير، في الدين وغيره، بالقيمة" انتهى من "التمهيد" (10/52).

وقال الخطابي رحمه الله: "‌واشترط ‌أن ‌لا ‌يتفرقا ‌وبينهما شيء لأن اقتضاء الدراهم من الدنانير صرف، وعقد الصرف لا يصح إلاّ بالتقابض" انتهى من "معالم السنن" (3/74).

وقال ابن قدامة، رحمه الله: " ولو صارف رجلا دينارا بعشرة دراهم، وليس معه إلا خمسة دراهم، لم يجز أن يتفرقا قبل قبض العشرة كلها، فإن قبض الخمسة وافترقا، بطل الصرف فى نصف الدينار. وهل يبطل فيما يقابل الخمسة المقبوضة؟ على وجهين، بناء على تفريق الصفقة " انتهى، من "المغني" (6/114).

الثاني: ألا يكون معه صرف "فكة"، لا بالدولار، ولا بعملة أخرى، فيجوز لك في هذه الحال أن تترك ما تبقى لك من المائة، أمانة عنده ، بشرط أن يكون في ذمته لك "عشرة دولارات"، كما هي.

ثم إذا جئت لتتقاضاها منه؛ فلكما أن تتفقا على الوفاء بنفس العملة "الدولار"، أو بعملة أخرى، تتفقان عليها في حينه؛ فيكون "الصرف" – وهو تبديل ما ذمته من الدولارات، بالعلمة التركية، أو غيرها – في وقت الأداء، ولا تتفقان على ذلك عند ترك الأمانة عند؛ لئلا يكون صرفا، مع تأخير القبض، وهو ممنوع.

قال ابن قدامة، في تتمة الكلام السابق، بعد ما تكلم عن فساد الصرف بينهما:

" وإن أرادا التخلص: فسخا الصرف في النصف الذى ليس معه عوضه، أو يفسخان العقد كله، ثم يشترى منه نصف الدينار بخمسة، ويدفعها إليه، ثم يأخذ الدينار كله، فيكون ما اشتراه منه له، وما بقى أمانة فى يده، ثم يفترقان، ثم إذا صارفه بعد ذلك بالباقى له من الدينار، أو اشترى به منه شيئا، أو جعله سلما في شيء، أو وهبه له: جاز، وكذلك إن وكله فيه.

ولو اشترى فضة بدينار ونصف، ودفع إلى البائع دينارين، وقال: أنت وكيلي في نصف الدينار الزائد: صح.

ولو صارفه عشرة دراهم بدينار، فأعطاه أكثر من دينار، ليزن له حقه في وقت آخر: جاز، وإن طال، ويكون الزائد أمانة في يده، لا شيء عليه في تلفه. نص أحمد على أكثر هذه المسائل. فإن لم يكن مع أحدهما إلا خمسة دراهم، فاشترى بها نصف دينار، وقبض دينارا كاملا، ودفع إليه الدراهم، ثم اقترضها منه، فاشترى بها النصف الباقي، أو اشترى الدينار منه بعشرة ابتداء، ودفع إليه الخمسة، ثم اقترضها منه، ودفعها إليه عوضا عن النصف الآخر على غير وجه الحيلة، فلا بأس". انتهى، من "المغني" (6/114).

وقال البهوتي، رحمه الله: " (ولو ‌اشترى ‌فضة ‌بدينار ونصف) دينار (ودفع) المشتري (إلى البائع دينارين؛ ليأخذ قَدْرَ حَقِّه منه) أي: من المدفوع له، وهو الديناران (فأخذه) أي: فأخذ البائع قَدرَ حقِّه من الدينارين (ولو بعد التفرُّق، صَحَّ) الصَّرْف؛ لحصول التقابض قبل التفرُّق، والذي تأخَّر إنما هو تمييز حقه من حق الآخر (والزائد) من الدينارين (أمانةٌ في يده) أي: يد البائع؛ لعدم المقتضي لضمانه.

(ولو صارفه خمسةَ دراهم بنصف دينارٍ، فأعطاه دينارًا) ليأخذ منه نصفه (صح) الصَّرْف؛ لوجود القبض، ولو تأخر التمييز حتى تفرَّقا (ويكون نصفه له والباقي) من الدينار (أمانة في يده) أي: يد قابض الدينار؛ لما تقدم (ويتفرَّقان) أي: لهما أن يتفرَّقا قبل تمييز النصف (ثم إن صارفه) أي: صارف قابض الدينار صاحبه (بعد ذلك بالباقي له منه) أي: من الدينار؛ جاز (أو اشترى به) أي: بالباقي من الدينار (منه شيئًا) جاز (أو جعله) أي: الباقي (سَلَمًا في شيء) جاز؛ لأنه عين ماله، وليس دينًا (أو وهبه) أي: وهب دافعُ الدينار قابضَه (إياه) أي: الباقي منه (جاز) لأنه تصرُّفٌ من أهله في محله " انتهى، من "كشاف القناع" (8/46)، وينظر: "مسائل الإمام أحمد"، لأبي الفضل، صالح (3/234).

وعلى ذلك؛ فلو أعطيت لصاحبك 100 دولار، ليأخذ منها 90 ثمن السلعة، ورد إليك الباقي بالعملة التركية: فلا حرج في ذلك، ما دام في نفس المجلس.

فإن لم يكن معه صرف، فلك أن تترك "10" دولارات أمانة عنده، ثم عند اقتضائها، إما أن يعطيك 10، أو يصرفها لك بعملة أخرى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب