الحمد لله.
يجوز لمن يقيم الصلاة أن يقيمها وهو خارج الصف، فقد روي أن بلالًا رضي الله عنه كان يقيم الصلاة وهو على المنارة، ثم يذهب إلى الصف.
"فعَنْ بِلَالٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ" رواه أبو داود (937) والبيهقي في الكبرى (2298). واختلفوا في وصله وإرساله.
"قال ابن هانئ: "سمعت أبا عبد اللَّه-الإمام أحمد- يقول: ينبغي للمؤذن أن يقيم في الموضع الذي أذن فيه، لأن بلالَّا أَقام في المنارة، ولم يمش في إقامته، فجاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ بأم القرآن- فقال: يا رسول اللَّه، لا تسبقني بآمين" انتهى من "الجامع لعلوم الإمام أحمد" (5/ 559).
وروى عبد الرزاق عن أبي هريرة: أنه كان مؤذنا للعلاء بن الحضرمي، فقال له أبو هريرة: لَتَنْتَظِرَنِّي بِآمِينَ، أَوْ لَا أُؤَذِّنُ لَكَ؟" مصنف عبد الرزاق (2720).
وذلك أنه كان يقيم بعيداً عن الصف على المنارة.
والقصد من إقامة بلال وأبي هريرة للصلاة من المنارة هو إبلاغ الناس، فكما أصبح موضع الأذان من محل مكبر الصوت، فكذا الإقامة مثله.
وقد استحب بعض الفقهاء أن يكون محل الإقامة هو محل الأذان.
قال ابن قدامة رحمه الله:" ويستحب أن يقيم في موضع أذانه. قال أحمد: أحب إلى أن يقيم في مكانه، ولم يبلغني فيه شيء إلا حديث بلال: "لا تسبقني بآمين".
يعني: لو كان يقيم في موضع صلاته، لما خاف أن يسبقه بالتأمين؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان يكبر بعد فراغه من الإقامة" انتهى من (2/71).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "قوله: "في مكانه إن سهل"، أي: يقيم في مكان أذانه.
نص عليه الإمام أحمد رحمه الله، واستدل بقول بلال للنبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبقني بآمين". وهو حديث في صحته نظر؛ لكن يؤيده ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة …) الحديث...،
وفي وقتنا الحاضر يمكن أن يكون من أقام في مكبر الصوت كمن أقام في مكان أذانه؛ لأن صوته يسمع من سماعات المنارة، فيكون إسماع الإقامة من المنارة بمكبر الصوت، جاريا على ما قاله الفقهاء رحمهم الله: إنه يقيم في مكانه، ليسمع الناس الإقامة فيحضروا" انتهى من "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (2/ 66).
والله أعلم.
تعليق