السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

يريدون حرمان الأخت من الأب من حقها في الميراث

489550

تاريخ النشر : 01-01-2024

المشاهدات : 556

السؤال

هل ترث الأخت من جهة الأب أخاها الميت، الذي مات وهو بالأربعين يوم من ولادته، أم ترثه أمه وإخوته من جهة الأم؟ وهل يأثم الشهود إذا شهدوا بأنه لا يوجد أخوة للميت غير من جهة أمه؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

إذا مات إنسان ، وترك أمًّا ، وإخوة من جهة الأم ، وأختا لأب ، فإن التركة تقسم كالتالي :

للأم السدس ، لقول الله تعالى : (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11 .

وللإخوة من الأم الثلث ، يقسم بينهم بالتساوي ، الذكر مثل الأنثى ، لقول الله تعالى : (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) النساء/12.

وقد أجمع العلماء على أن المراد بذلك الإخوة من الأم.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (5/78):

"فأما هذه الآية : فأجمع العلماء على أن الإخوة فيها عني بها الإخوة للأم" انتهى.

وللأخت من الأب النصف ، لقول الله تعالى : (إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ) النساء/17.

قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص 217) :

" وَلَهُ أُخْتٌ أي: شقيقة، أو لأب، لا لأم، فإنه قد تقدم حكمها" انتهى .

وعلى هذا ؛ فللأم سدس التركة ، وللإخوة من الأم ثلثها ، وللأخت من الأب نصفها .

وهذا التقسيم لا خلاف فيه بين أهل العلم ، لنص الآيات القرآنية عليه صراحة كما سبق .

ثانيا :

إذا كان هذا هو تقسيم التركة ، فكل من يسعى لأكل حق أحد من الورثة أو يعينه على ذلك فهو آثم.

فلا يجوز للأم ، ولا للإخوة من الأم أن ينفردوا بالتركة ، ويحرموا الأخت من الأب حقها ، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) النساء/29 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ) رواه البخاري (1739)، ومسلم (1679).

وأما الشهود ، فشهادتهم بعدم وجود إخوة للميت إلا من جهة الأم شهادة زور ، وهي من أكبر الكبائر.

فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ ) ، قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : ( الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ) ، وكان متكئاً فجلس فقال : ( ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ، ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ) ، فما زال يقولها حتى قلت لا يسكت" رواه البخاري ( 5631 )، ومسلم (87).

جاء في " سبل السلام " (2/585) : " وَإِنَّمَا اهْتَمَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِخْبَارِهِمْ عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ ، وَجَلَسَ ، وَأَتَى بِحَرْفِ التَّنْبِيهِ ، وَكَرَّرَ الْإِخْبَارَ ؛ لِكَوْنِ قَوْلِ الزُّورِ ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ : أَسْهَلَ عَلَى اللِّسَانِ ، وَالتَّهَاوُنِ بِهَا أَكْثَرَ ؛ وَلِأَنَّ الْحَوَامِلَ عَلَيْهِ ( قول الزور) كَثِيرَةٌ مِنْ الْعَدَاوَةِ وَالْحَسَدِ وَغَيْرِهِمَا ، فَاحْتِيجَ إلَى الِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِ ، بِخِلَافِ الْإِشْرَاكِ ، فَإِنَّهُ يَنْبُو عَنْهُ قَلْبُ الْمُسْلِمِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَتَعَدَّى مَفْسَدَتُهُ إلَى غَيْرِ الْمُشْرِكِ ، بِخِلَافِ قَوْلِ الزُّورِ ، فَإِنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى مَنْ قِيلَ فِيه " انتهى.

وقد توعد الله تعالى من يخالف قسمته في المواريث بوعيد شديد ، فقال عز وجل بعد أن ذكر آيتين من آيات المواريث في سورة النساء : (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13- 14.

فالواجب على هؤلاء أن يتوبوا إلى الله تعالى ، ويؤدوا الحق لأهله .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب