الجمعة 24 شوّال 1445 - 3 مايو 2024
العربية

دخلت والدته مكة ثم أحرمت من التنعيم، فهل تلزمها فدية، وهل يخرجها عنها دون علمها؟

489619

تاريخ النشر : 07-04-2024

المشاهدات : 336

السؤال

ذهبت من مصر إلى مكة؛ بغرض العمل لمدة ٥ أيام، واصطحبت معي والدتي، ولم نحرم فى الطائرة؛ لأن عندى شغلا أولا، وعندى اجتماع ولا يمكن أن أكون محرما، وفي اليوم الثانى بعد انتهائي من العمل، ذهبنا إلى التنعيم، وأحرمنا، ثم عملنا عمرة، فهل هذا يجوز، أو لابد من فدية؟ ولو لابد من فدية، هل ممكن أعمل فدية عن أمي كهبة، حتى لا أجعلها تحزن أنها لم تتم العمرة بشكل صحيح؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من جاء مكة ناويا العمرة، لزمه أن يحرم من الميقات، فإن أحرم بعد الميقات لزمه دم.

وإن لم يحرم، وعاد إلى الميقات فأحرم منه، لم يلزمه شيء.

 قال في "كشاف القناع" (2/ 404): "(ومن جاوزه) أي: الميقات (يريد النسك) بلا إحرام، (أو كان النسك فرضه)، بأن لم يحج أو يعتمر، (ولو) كان (جاهلا) بالميقات، أو الحكم، (أو ناسيا لذلك، أو مكرها: لزمه أن يرجع) إلى الميقات (فيحرم منه)؛ لأنه واجب أمكنه فعله، فلزمه، كسائر الواجبات، (ما لم يخف فوات الحج، أو يخف) فوات (غيره)، كخوفه على نفسه أو أهله أو ماله، (فإن رجع) إلى الميقات (فأحرم منه: فلا دم عليه)؛ لأنه أتى بالواجب عليه، كما لو لم يجاوزه ابتداء.

(وإن أحرم دونه) أي: الميقات (من موضعه، أو غيره، لعذر أو غيره: فعليه دم)؛ لحديث ابن عباس مرفوعا: من ترك نسكا فعليه دم ولتركه الواجب" انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 11 / 176): " الواجب على مَن نوى العمرة ثم مرَّ بالميقات: أن يُحرم منه، ولا يجوز له مجاوزته بدون إحرام.

وحيث لم تحرموا من الميقات : فإنه يجب على كل منكم دم ، وهو ذبح شاة تجزئ في الأضحية، تُذبح بمكة المكرمة، وتقسم على فقرائها، ولا تأكلوا منها شيئاً " انتهى.

وعلى ذلك؛ فحيث إن والدتك جاءت ناوية العمرة، ولم ترجع إلى الميقات، وإنما أحرمت من التنعيم، وهو ليس ميقاتا لمن جاء من خارج مكة ناويا العمرة: فعليها دم.

ثانيا:

أما أنت فإذا كانت نيتك العمل ثم العمرة إن تيسرت، أي كنت مترددا في العمرة لا تدري هل يتسع لك الوقت لتأتي بها أو لا، فإنك إذا فرغت من عملك وأردت العمرة خرجت إلى الحل، فأحرمت منه، والتنعيم أقرب الحِل إلى مكة.

قال في "كشاف القناع" (2/ 401): "(وأهل مكة ومن بها) أي: بمكة (من غيرهم سواء كانوا في مكة أو في الحرم) كمنى ومزدلفة (إذا أرادوا العمرة فمن الحل) ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يُعْمر عائشة من التنعيم متفق عليه...

ومن أيِّ الحل أحرم: جاز. (ومن التنعيم أفضل) للخبر السابق.

(وهو) أي: التنعيم (أدناه) أي: أقرب الحل إلى مكة.

وقال أحمد: كلما تباعد فهو أعظم للأجر" انتهى.

وأما إن كنت عازما على العمرة، تعلم أن وقتك يتسع لها بعد العمل، فأحرمت من التنعيم، فعليك دم، وكان عليك أن تعود للميقات فتحرم منه ليسقط عنك الدم.

قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: "  من سافر من المدينة -مثلاً- وعنده حاجة في جدة سافر من أجلها، وفي نيته أن يعتمر، فلا يخلو من حالتين:

الحالة الأولى: أن يتأكد أن الوقت سيسعه، بحيث إذا انتهى من حاجته سيذهب إلى العمرة قطعاً، فهو متأكد أنه سيفعل العمرة، فهذا يجب عليه أن يعتمر من المدينة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ذي الحليفة والمواقيت الأُخر: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة)؛ فألزم كل من مر بالميقات يريد الحج والعمرة أن يحرم منه، فدل على وجوب الإحرام من الميقات.

فنقول: يجب عليك أن تحرم من ميقات ذي الحليفة، وأنت بالخيار بين أمرين: - إما أن تحرم وتذهب للعمرة وتأتي بها، ثم ترجع إلى جدة وتقضي حوائجك.

- وإما أن تذهب بعمرتك، وتلبس إحرامك، وتذهب إلى جدة، وتقضي حوائجك، ثم بعد فراغك من حاجتك تمضي إلى العمرة.

فإن قال: لا أستطيع أن أذهب بإحرامي، فنقول: يذهب ويقضي حاجته، ثم إذا أراد أن يعتمر يرجع إلى ميقات المدينة ويحرم منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ألزمه بالإحرام منه.

الحالة الثانية: أن يذهب إلى جدة متردداً، يقول: لا أدري هل يسعني الوقت أو لا يسعني، فمثل هذا يجوز له ألا يحرم من ميقات المدينة. مثلاً: شخص عنده معاملة في جدة، ولا يدري هل يسعه الوقت فيعتمر أو لا يسعه؟ فمن يشك في الوقت يجوز له أن يذهب إلى جدة وهو غير محرم، ويقضي حاجته في جدة، ثم يحرم من جدة إذا أنشأ العمرة منها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فمن كان دون ذلك؛ فإحرامه من حيث أنشأ).

فهذا الذي لم تتمحض نيته بالعمرة من المدينة، وأصبح شاكاً متردداً: يُعطَى حكم الأصل؛ من أنه لا يلزمه الإحرام حتى يتحقق من كونه معتمراً" انتهى من "شرح زاد المستقنع".

ثالثا:

إذا أخرجت الفدية عن والدتك: لزمك إخبارها عند إخراجها؛ لتنويها، لأن الفدية لا تصح إلا بنية منها.

قال ابن رجب رحمه الله: " فأما ديون الله عز وجل كالزكاة والكفارة : فلا يرجع بها من أداها عمن هي عليه، وعلل القاضي ذلك بأن أداءها بدون إذن من هي عليه لا يصح، لتوقفها على نيته " انتهى من "القواعد الفقهية" (2/75) .

 وقال البهوتي في "كشاف القناع" (2/262) : "(وَإِنْ أَخْرَجَ) حُرٌّ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ (زَكَاةَ شَخْصٍ أَوْ كَفَّارَتَهُ مِنْ مَالِهِ)؛ أَيْ مَالِ الْمُخْرِجِ، (بِإِذْنِهِ: صَحَّ) إخْرَاجُهُ عَنْهُ، كَالْوَكِيلِ...

 (وَإِنْ كَانَ) إخْرَاجُهُ لِزَكَاةِ غَيْرِهِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ: لَمْ يَصِحَّ)؛ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْ الْمُخْرَجِ عَنْهُ، الْمُتَعَلِّقِ بِهِ الْوُجُوبُ، (كَمَا لَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ بِلَا إذْنِهِ)؛ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَوَكَالَتِهِ عَنْهُ" انتهى.

وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (21/145) : "دَيْنُ اللَّهِ الْمَالِيُّ الْمَحْضُ، كَالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ: تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَنِ الْغَيْرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَمْ لاَ؛ لأِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا إِخْرَاجُ الْمَال، وَهُوَ يَحْصُل بِفِعْل النَّائِبِ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الأْدَاءُ عَنِ الْحَيِّ أَمْ عَنِ الْمَيِّتِ .

إِلاَّ أَنَّ الأْدَاءَ عَنِ الْحَيِّ: لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، بِاتِّفَاقٍ، وَذَلِكَ لِلاِفْتِقَارِ فِي الأَدَاءِ إِلَى النِّيَّةِ، لأِنَّهَا عِبَادَةٌ، فَلاَ تَسْقُطُ عَنِ الْمُكَلَّفِ بِدُونِ إِذْنِهِ.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ فَلاَ يُشْتَرَطُ الإْذْنُ؛ إِذْ يَجُوزُ التَّبَرُّعُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ" انتهى.

والله أعلم                         

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب