الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

إذا قسم ماله قبل موته بين أولاده وحرم بعضهم، فهل تعاد القسمة بحسب قيمة العقار وقت القسمة أو الوفاة؟

493427

تاريخ النشر : 26-01-2024

المشاهدات : 1653

السؤال

توفيت والدتي، وكان ورثتها ولدين وبنتين، في عام ٢٠١٤ قامت بتقسيم دارها المسجل باسمها بين ولديها فقط، ولم تذكر ابنتيها بشأن التقسيم، وفي عام ٢٠٢٣ توفيت الوالدة، والآن يجب إعطاء البنتين حصتهما من الدار، فهل تحتسب قيمة الدار في عام ٢٠١٤، أم تحتسب قيمته في عام ٢٠٢٣، علماً أن قيمة الدار قد إزدادت؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

قسمة الإنسان شيئا من ماله في حياته بين ورثته يعتبر هبة، فإذا كان ذلك لأولاده، لزمه العدل بينهم، فيعطي الذكر ضعف الأنثى، كما هو مذهب الحنابلة، أو يسوي بين الذكر والأنثى، كما هو مذهب الجمهور.

والأصل في ذلك: ما رواه البخاري (2586) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا فَقَالَ: (أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ)؟ قَالَ: لَا. قَالَ: (فَارْجِعْهُ).

ومعنى (نحلت ابني غلاما): أي أعطيته غلاما.

ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: " أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.

وفي رواية للبخاري أيضا (2650): (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ).

ثانيا:

إذا مات الواهب وقد فاضل بين أولاده، لزم إدخال الهبة في التركة، وقسمتها على جميع الورثة القسمة الشرعية، للذكر مثل حظ الأنثيين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "يجب على الرجل أن يسوي بين أولاده في العطية، ولا يجوز أن يفضل بعضا على بعض، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ حيث نهى عن الجور في التفضيل وأمر برده.

فإن فعل ومات قبل العدل: كان الواجب على من فُضل أن يتبع العدل بين إخوته؛ فيقتسمون جميع المال - الأول والآخر - على كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين " انتهى من مجموع الفتاوى (31/297).

وسئل علماء اللجنة الدائمة عمن سجل مزرعة باسم أحد أبنائه ثم مات، فأجابوا بقولهم: " ... وإن كان والدك قد مات: فاقسم التركة بينك وبين بقية الورثة، حسب الحكم الشرعي" انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (16/216).

وعليه؛ فيجب قسمة الدار الآن بين جميع الورثة، فإن تراضوا على أن يأخذها الابنان، ويعوضا البنتين، فلا حرج، وتحسب قيمة الدار بسعرها الآن؛ لأن الواجب بعد الموت تقسيم الدار أو التعويض، فلا عبرة بقيمة الدار في وقت الهبة، بل العبرة بوقتها في وقت التقسيم والتعويض.

وإن رغبت البنتان في أخذ نصيبهن من الدار، وكانت الدار يمكن قسمتها بين الجميع بلا ضرر، وجب ذلك.

وإن لم يمكن قسمتها، وتشاحوا فيها، كل يريد أن يأخذ نصيبه منها، فإما أن تُباع ويقسم ثمنها، أو أن تستعمل القرعة، فمن أصابته القرعة، عوض غيره بالمال؛ لأن القرعة شرعت عند التزاحم في الحقوق.

قال العلامة السعدي رحمه الله:

تستعمل القرعة عند المبهمِ **** من الحقوق أو لدى التزاحمِ

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب