لو وصى الوالد بشيء للابن، فهي وصية لوارث، ولا تنفذ إلا بموافقة الورثة، فلمن شاء منهم رفضها والمطالبة بتقسيم جميع ما تركه الوالد.
إذا ادعى بعض الورثة أن الميت أوصى لهم ببعض الميراث، فما الحكم؟
السؤال: 498847
والدي توفي، وترك 3ذكور، و3 إناث، وترك لنا ميراثا، عقارا به 16 شقة، وفي حياة والدنا ـ وتخفيف علي إخوتي من عبئ الزواج ـ أعطى لاثنين من الذكور كل واحد شقة للمعيشة بها، ولم يكتب لهم أي عقود، وأعطى لبنت شقة هي الأخرى، وقام بكتابة عقد إيجار لها لمدة 5 سنوات-عقد صوري-، وبعد وفاة الوالد اجتمعنا، وقال اثنان من الذكور الذين لهم شقق: إن أبانا قال لكل واحد فيهم أن نعطي شقة لأخينا الذكر الثالث، وبالفعل وافقنا علي ذلك، بالرغم من إننا لم نسمع هذا من الوالد، وبالرغم من وجود نفور بين والدنا وهذ الأخ الثالث، ولكن وافقنا بناء علي كلامهم، وأخرج كل واحد فينا مقدار من الأموال لكي نساعده علي تجهيز شقته، وبعدها بفترة اتفقوا هم على أن يعطونا أنا وأختي الوحيدتين لم نحصل علي شقق، شقة مناصفة بيننا، ووعدونا بذلك، ومضت عدة شهور، وعندما بدأوا في بيع شقة من الميراث ووزعوا نصيب كل واحد فينا طالبنا بالشقة المتفق عليها، وعلمنا إنهم قاموا ببيعها، وبيع شققهم التي يقيمون بها، وعند مواجهتهم بإنهم ليس من حقهم إلا الإقامة بها فقط، ولكن ليس بيعها قالوا: أبونا أوصى بها لنا، وهي من حقنا وميراثنا الشرعي، وإننا ليس لنا نصيب إلا في الشقق ال12 المتبقية.
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولا:
إذا وصى الوالد بإعطاء شقة للابن الثالث، فهذه وصية لوارث، وهي محرمة، ولا تنفذ إلا بإجازة الورثة، فللورثة، أو من شاء منهم: أن يرفض تنفيذ هذه الوصية.
قال البهوتي رحمه الله في "شرح المنتهى" (2/ 456): "(وتحرم) الوصية (بزائد على الثلث لأجنبي، ولوارث بشيء)، نص عليه الإمام أحمد ، سواء كانت في صحته أو مرضه.
أما تحريم الوصية لغير وارث، بزائد على الثلث: فلقوله صلى الله عليه وسلم لسعد، حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قال فالشطر؟ قال لا. قال: فالثلث. قال: الثلث، والثلث كثير» الحديث متفق عليه.
وأما تحريمها للوارث بشيء، فلحديث: إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الخمسة إلا النسائي، من حديث عمرو بن خارجة، وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي.
(وتصح) هذه الوصية المحرمة، (وتقف على إجازة الورثة)؛ لحديث ابن عباس مرفوعا: لا تجوز وصية لوارث؛ إلا أن يشاء الورثة. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: لا وصية لوارث، إلا أن تجيز الورثة رواهما الدارقطني.
ولأن المنع لحق الورثة؛ فإذا رضُوا بإسقاطه، نفذ" انتهى.
فكان لك ولغيرك من إخوتك أن يرفض تنفيذ هذه الوصية.
ثانيا:
إذا ادعى الأخوان أن الوالد ملّكهما ما كانا يسكنان فيه، فلابد من بينة.
وإن ادعيا أنه وصى بذلك لهما، فلابد من بينة أيضا، وعلى فرض ثبوت الوصية فهي وصية لوارث، ولكم رفض تنفيذها.
وعلى فرض أن الوالد كتب شقة لابنه أو لابنين من أبنائه، وقبّضه إياها في حياته، فإنها تكون هبة لم يُعْدَلْ فيها، فيلزم تحقيق العدل، وإدخالها في التركة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "يجب على الرجل أن يسوي بين أولاده في العطية، ولا يجوز أن يفضل بعضا على بعض، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، حيث نهى عن الجور في التفضيل وأمر برده.
فإن فعل ومات قبل العدل، كان الواجب على من فُضل أن يتبع العدل بين إخوته؛ فيقتسمون جميع المال - الأول والآخر - على كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين " انتهى من "مجموع الفتاوى" (31/ 297).
وسئل علماء اللجنة الدائمة عمن سجل مزرعة باسم أحد أبنائه ثم مات، فأجابوا بقولهم: " ... وإن كان والدك قد مات: فاقسم التركة بينك وبين بقية الورثة، حسب الحكم الشرعي" انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (16/ 216).
وينظر: جواب السؤال رقم: (145657).
ثالثا:
أما بيعهما الشقة التي قالا إنها مناصفة بينكما، فهذا دليل على الطمع، والتساهل في أكل المال بالباطل، ولا يحل لأحد من الورثة أن يبيع شيئا من التركة إلا برضى بقية الورثة.
رابعا:
الواجب قسمة جميع ما ترك الأب، وهو 16 شقة، القسمة الشرعية، للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا يختص أحد بما كان يعيش فيه، بل يُقسم الجميع، وتجرى القرعة لو حصل نزاع حول شقة من الشقق، إلا أن يرضى الجميع، بأن من كان يعيش في شقة، فإنها تحسب من نصيبه.
وينبغي توسيط من تثقون به من أهل الدين والعقل، من أقربائكم أو جيرانكم، لنصح الإخوة وتذكيرهم، كما ينبغي الحرص على الألفة وصلة الرحم.
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟