الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم تسريح وفرد المخطوبة شعرها في نظرة الخطبة؟

499617

تاريخ النشر : 04-03-2024

المشاهدات : 18080

السؤال

ماحكم تسريح (فرد) شعر المخطوبة للخاطب، والظهور أمامه بالشعر المفرود في النظرة الشرعية؟ وهل هذا يعتبر من الغش؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

أباح الشارع النظر في الخطبة ليرى الرجل المرأة وينظر إلى ما يرغبه فيها، كما أباح للمرأة ذلك، لتتم موافقة كل منهما عن قناعة ورغبة، كما روى الترمذي (1087)، وابن ماجه (1865) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا أي أَحْرَى أَنْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا. والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".

وروى أبو داود (2082) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ). قَالَ : فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا  والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".

قال النووي رحمه الله: " إذا رغب في نكاحها استحب أن ينظر إليها لئلا يندم ... ويجوز تكرير هذا النظر ليتبين هيئتها، وسواء النظر بإذنها وبغير إذنها، فإن لم يتيسر النظر بعث امرأة تتأملها وتصفها له " انتهى من "روضة الطالبين" (7/19).

ثانيا:

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه لا يباح النظر إلا للوجه والكفين، وزاد الحنفية: القدمين، فلا يجوز للمرأة أن تبدو بشعرها للخاطب.

وذهب الحنابلة إلى أنه ينظر إلى ما يظهر غالبا كالوجه والكفين والرقبة والقدمين.

وذهب بعضهم إلى جواز النظر إلى شعرها.

قال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (8/ 18): " وعنه: له النظر إلى ما يظهر غالبا، كالرقبة، واليدين، والقدمين، وهو المذهب...

وقيل: له النظر إلى الرقبة، والقدم، والرأس، والساق" انتهى.

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: "إذا تقدم شاب لخطبة فتاة فهل يجب أن يراها؟ وهل يصح أن تكشف الفتاة عن رأسها لتبين جمالها أكثر لخطابها؟

فأجاب: "لا بأس، لكن لا يجب، يستحب أن يراها وتراه؛ لأن هذا أقرب إلى الوئام، النبي صلى الله عليه وسلم أمر من خطب أن ينظر، فإذا كشفت له وجهها وكفيها ورأسها، فلا بأس على الصحيح. قال بعض أهل العلم: يكفي الوجه والكفان، ولكن الصحيح أنه لا بأس بكشف الرأس والقدمين أيضاً حتى يستكمل محاسنها. فلها أن تنظر إليه، وله أن ينظر إليها؛ لأن هذا أقرب أن يؤدم بينهما كما جاء به الحديث، وينبغي أن يكون هذا من دون خلوة، بل يكون معهما أبوها أو أخوها أو امرأة أخرى ولا يخلو بها" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (3/ 1522).

ثالثا:

لا حرج في تسريح الشعر وفرده، على وجه لا يُعد غشا، فيسرح تسريحا معتادا، كالذي تبدو به في بيتها على الدوام، فلا تتبرج بمكياج ونحوه.

وأما فرد الشعر بمادة كيميائية مما قد تفعله المرأة أحيانا وليس على الدوام، فهذا غش للخاطب؛ لأنه إذا تزوجها لم يجدها كذلك، ولا يمكنها فعل ذلك بشعرها على الدوام.

والغش محرم؛ لما روى مسلم (102) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي .

وفي الغش مفسدة ظاهرة؛ لأنه إذا وجدها على غير الحال التي رآها عليه، ربما نفر منها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فشروط جواز النظر إلى المرأة ستة:

الأول: أن يكون بلا خلوة.

الثاني: أن يكون بلا شهوة، فإن نظر لشهوة فإنه يحرم؛ لأن المقصود بالنظر الاستعلام لا الاستمتاع.

الثالث: أن يغلب على ظنه الإجابة.

الرابع: أن ينظر إلى ما يظهر غالبا.

الخامس: أن يكون عازما على الخطبة، أي: أن يكون نظره نتيجة لعزمه على أن يتقدم لهؤلاء بخطبة ابنتهم، أما إذا كان يريد أن يجول في النساء، فهذا لا يجوز.

السادس: ـ ويخاطب به المرأة ـ ألا تظهر متبرجة أو متطيبة، مكتحلة أو ما أشبه ذلك من التجميل؛ لأنه ليس المقصود أن يرغب الإنسان في جماعها حتى يقال: إنها تظهر متبرجة، فإن هذا تفعله المرأة مع زوجها حتى تدعوه إلى الجماع، ولأن في هذا فتنة، والأصل أنه حرام؛ لأنها أجنبية منه، ثم في ظهورها هكذا مفسدة عليها؛ لأنه إن تزوجها ووجدها على غير البهاء الذي كان عهده رغب عنها، وتغيرت نظرته إليها، لا سيما وأن الشيطان يبهي من لا تحل للإنسان أكثر مما يبهي زوجته، ولهذا تجد بعض الناس ـ والعياذ بالله ـ عنده امرأة من أجمل النساء، ثم ينظر إلى امرأة قبيحة شوهاء؛ لأن الشيطان يبهيها بعينه حيث إنها لا تحل له، فإذا اجتمع أن الشيطان يبهيها، وهي أيضا ـتتبهى وتزيد من جمالها، وتحسينها، ثم بعد الزواج يجدها على غير ما تصورها، فسوف يكون هناك عاقبة سيئة" انتهى من "الشرح الممتع" (12/ 22).

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله:

" اختلفت الآراء في الأجزاء التي تظهرها المخطوبة أمام خطيبها، ومن هذه الآراء أنها تظهر وجهها وكفيها وعنقها فقط، فما الحكم يا فضيلة الشيخ فيما لو أظهرت المخطوبة شعرها لمن أراد خطبتها، وما هو الأفضل في نظركم؟" .

فأجاب: " لا حرج على المخطوبة أن تظهر من زينتها ما يدعو للرغبة فيه لزواجها، فتظهر الشعر والوجه والكفين والقدمين.

ولكن لا تتجمل لهذا الخاطب لأنها لم تكن زوجة له بعد، ولأنها إذا تجملت أو زينت وجهها بشيء من الزينة، ثم حصل النكاح وبدا للمرء غير ما هي عليه عند رؤيته إياها في الخطبة، فإن رغبته فيها قد تهبط هبوطاً يخشى منه الفصال، لا سيما وأن نظر الخاطب غير نظر الزوج الذي تملك ووثق من حصولها.

فلهذا أقول: إنه يجوز للرجل إذا خطب امرأة أن ينظر الإنسان ما يدعوه إلى الرغبة في نكاحها من الوجه والكفين والرأس والشعر والقدمين، ولكن بشرط ألا يكون ذلك في خلوة بينه وبينها، لا بد أن يحضرها محرم لها، لأن الخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة لقول النبي عليه الصلاة والسلام:  ( لا يخلونّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم )" انتهى، من "موقع الشيخ".

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب