الحمد لله.
أولا:
يلزم الرجوع إلى نص الواقف ليُعلم هل لكم نصيب من ريع الوقف مع وجود أعمامكم، أم لا تأخذون إلا بعد وفاتهم.
ونص الواقف يجب العمل به.
قال النووي رحمه الله: " يرعى شرط الواقف في الأقدار، وصفات المستحقين، وزمن الاستحقاق. فإذا وقف على أولاده، وشَرط التسوية بين الذكر والأنثى، أو تفضيل أحدهما: اتُّبع شرطه.
وكذا الوقف على العلماء بشرط كونهم على مذهب فلان، أو على الفقراء بشرط الغُرْبة، أو الشيخوخة: اتُّبع، ولو قال: على بَنِيّ الفقراء، أو على بناتي الأرامل؛ فمن استغنى منهم، وتزوج منهن: خرج عن الاستحقاق، فإن عاد فقيرا، أو زال نكاحها، عاد الاستحقاق" انتهى من "روضة الطالبين" (5/ 338).
وقال مرعي الحنبلي في "دليل الطالب" ص 188: " ونص الواقف كنص الشارع، يجب العمل بجميع ما شرطه، ما لم يُفْضِ إلى الإخلال بالمقصود" انتهى.
ثانيا:
لو قال الواقف: "هذا وقف على أولادي"، دخل أولاد أبنائه، ويستحقونه مرتبا، أي يأخذونه بعد آبائهم.
ولو قال: هذا وقف على أولادي وأولادهم، أخذوا مع آبائهم، أي يشتركون معهم بلا ترتيب.
ولو قال: "على أولادي ثم أولادهم، ومن توفي عن ولد فنصيبه لولده" استحق كل ولد بعد أبيه نصيبه، فيأخذه مع أعمامه.
ولو قال: "وقف على أولادي ثم أولادهم"، ولم يقل: "ومن توفي عن ولد فنصيبه لولده"، فإذا مات أحد أولاد الواقف، وله أولاد، فهل يأخذون نصيب والدهم مع أعمامهم، أم لا يستحقون إلا بعد وفاة جميع الأعمام؟ في ذلك خلاف.
قال في "كشاف القناع" (4/ 278): " (ويدخل) - أيضًا - في الوقف على ولده، أو أولاده، أو ولد غيره، أو أولاده: (وَلَدُ بنيه)، مطلقًا؛ (وُجِدُوا) أي: ولد البنين (حالةَ الوقف، أو لا)، وإن سَفَلوا؛ لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ فدخل فيه ولد البنين وإن سَفَلوا...
(ولا يَدخلُ ولدُ البناتِ) في ولده، ولا في أولاده إذا وقف عليهم...
(ويستحقُّونه) أي: يستحق أولاد البنين الوقف (مرتَّبًا) بعد آبائهم (كقوله): وقفتُه على أولادي (بطنًا بعد بطن)، أو الأقرب فالأقرب، أو الأول فالأول، ونحوه، ما لم يكونوا قبيلة، أو يأتي بما يقتضي التشريك، كـ: على أولادي وأولادهم، فلا ترتيب؛ ذكره في "شرح المنتهى"" انتهى.
وقال: " (ولو رَتَّبَ) واقف (بين أولاده، وأولادهم بـ "ثم") فقال: هذا وقف على أولادي، ثم أولادهم (ثم قال: ومن تُوفِّي عن ولد فنصيبه لولده، استحق كل ولد بعد أبيه نصيبه) لأنه صريح في ترتيب الأفراد" انتهى.
أي يأخذه مع أعمامه.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وإذا قال: وقف على أولادي ثم أولادهم، فمات أحد أولاده عن أولاد، فهل يستحقون شيئاً؟ هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، المشهور من المذهب أنه ليس لأولاد المتوفى شيء مع أعمامهم، فليس للبطن الثاني شيء مع وجود واحد من البطن الأول.
وقال شيخ الإسلام، رحمه الله: بل لهم مع أعمامهم؛ وعلَّله بأنه لما مات الولد هنا، استحق ولده؛ لأن الغالب أن الجد لا يقصد حرمان أولاد ابنه مع وجود أعمامهم، بل ربما تكون نظرته إلى أولاد ابنه الذين انكسروا بموت أبيهم أشد شفقة من نظرته إلى أولاده، لكن لو كان هناك عُرف شائع بأن مثل هذه العبارة ترتيب بطن على بطن، وأنه لا يستحق البطن الثاني مع الأول شيئاً، فإننا نرجع إلى العرف، وخير من ذلك أن يصرح الموقِفُ فيقول: من مات عن ولد فنصيبه لولده" انتهى من "الشرح الممتع" (11/ 37).
وتبيّن بهذا أنه يجب الرجوع إلى نص الواقف لمعرفة هل تأخذون نصيب والدكم في وجود أعمامكم، أم لا تأخذونه إلا بعد وفاتهم؟
وأما احتمال أنكم تساوون الأعمام، ولا تأخذون نصيب والدكم ليوزع عليكم، فهذا بعيد ما دمتم لم تأخذوا في حياة والدكم، فلو كان الوقف على جميع أفراد العائلة دون فرق بين الأولاد وأولادهم لأخذتم من الوقف في حياة أبيكم.
وهذا كله فيما لو كان الجد هو الواقف، وقد يكون الوقف من فعل والدك وأعمامك.
وعلى كل؛ يجب الرجوع إلى نص الواقف كما قدمنا، وإذا لم يتبين لكم مراد الواقف، أو حصل نزاع، فالمرجع إلى القاضي الشرعي.
والله أعلم.
تعليق