الحمد لله.
أولا:
إذا قام الحداد بالغش، وخالف المتفق عليه، فإنه يكلف بإصلاح ذلك، أو ينقص من الثمن بقدر الخلل الحاصل.
ويرجع في تقدير ذلك لأهل الخبرة، فلو كان لا يستحق إلا 1100 درهم، لزمه أن يرد 500 درهم.
ثانيا:
الأصل تحريم التحايل لأكل مال الإنسان، إلا إن رفض رد ما عليه، وهو ما قدره أهل الخبرة.
فيجوز حينئذ الاتفاق معه على عمل حديد لنوافذ أخرى، ثم لا يُعْطَى تمامَ المبلغ، بل يُخصم منه ما كان يلزمه رده، وهذا داخل فيما يسميه العلماء بمسألة الظفر بالحق، وهي أن من كان له حق عند إنسان فلم يستطع أخذه، ثم ظفر بشيء من ماله، جاز له أن يأخذ قدر حقه ولا يزيد.
وينظر لبيان مسألة الظفر بالحق: جواب السؤال رقم: (171676).
وأنت الآن قد اقتطعت منه 700 درهم، أعطيت منها 500 لصاحبة البيت، وأخذت 200
فالواجب عليك أن تعرضي النوافذ الأولى على اثنين من الحدادين، ليقدرا ما الذي يلزم الحداد رده.
جاء في "مجلة الأحكام العدلية"، مادة (414) ص 80: " (الْمَادَّةُ 414) أَجْرُ الْمِثْلِ هُوَ الْأُجْرَةُ الَّتِي قَدَّرَتْهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ السَّالِمِينَ عَنْ الْغَرَضِ" انتهى.
وجاء في "درر الأحكام شرح مجلة الأحكام" (1/446): "يعيّن أجر المثل على أربع صور:
الصورة الأولى: تعينه بتقدير أرباب الخبرة الخالين عن الغرض.
وكيفية ذلك: أن يُنتخب اثنان، مثلا: من أهل الخبرة، الخالين عن الغرض، فيقدران الأجرة التي يستحقها مثيل ذلك المال، أو ذلك الرجل في عمله، مع المدة الذي استؤجر فيها …
وكذلك يلزم إذا كانت الإجارة واردة على العمل أن ينظر إلى شيئين:
(1) إلى شخص مماثل للأجير في ذلك العمل.
(2) إلى زمان الإجارة ومكانها؛ لأن الأجرة تختلف باختلاف الأعمال والأزمنة والأماكن …
قوله: (السالمين من الغرض) يشترط ألا يكون للخبير غرض، ليصح الأخذ بقوله والعمل برأيه" انتهى.
وعلى ذلك؛ فإن قال الخبيران: يلزمه رد 700، فلا حرج في تصرفك، وتردين 200 لصاحبة البيت أو تعلمينها، حتى لا تعودي فتخصيمها من الأجرة، فهذا أكل للمال بالباطل.
وإن قالا: يلزمه رد 500 مثلا، لزمك رد 200 للحداد.
وهكذا، لو قالا: يلزمه رد 400، لزمك رد 300 للحداد.
وليحذر المؤمن من الظلم، ومن أكل المال الحرام، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ) رواه البخاري (1739)، ومسلم (1679).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).
وقال صلى الله عليه وسلم يقول: (كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ) رواه الطبراني عن أبي بكر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4519).
ولا يحل أخذ المال تأديبا، أو عقوبة على الغش والضرر المعنوي، فالتأديب للقاضي وليس لآحاد الناس، والتعزير بالمال ممنوع عند الجمهور، ولو كان من القاضي.
والله أعلم.
تعليق