الأربعاء 26 جمادى الأولى 1446 - 27 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز استثمار مال النذر؟

503572

تاريخ النشر : 21-03-2024

المشاهدات : 1281

السؤال

شخص نذر لله أو عاهد الله أنه سيخرج من ماله عشرة بالمائة من كل ما يرزقه الله من الأموال من باب الصدقة، وقد استمر ذلك لفترة من الزمان، ثم حدث أن زادت الأموال ببركة من الله، وحاليا يرى الشخص أن هناك فرصا استثمارية من الممكن أن تنموا بها هذا العشرة في المائة أكثر مما عليه الآن، أي أن الشخص يرغب أن يستثمر هذه العشرة بالمائة مع أمواله، ثم يخرجها مع ربحها صدقة، ويخرج أيضا عشرة بالمائة إضافية مما سيربحه هو نفسه، فهل يجوز تنمية المال، ومن ثم إنفاقه في الخير؟ أم يتوجب إنفاقه حال توافره في حالة النذر أو العهد مع الله؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجب الوفاء بنذر الطاعة، كنذر الصدقة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ) رواه البخاري (6202).

ثانيا:

النذر يجب إخراجه على الفور، ولا يجوز تأخيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (فليطعه)؛ والأمر يفيد الفور.

قال ابن النجار رحمه الله : "إخراج الزكاة واجب فورا، كنذر مطلق، وكفارة" انتهى من "منتهى الإرادات مع حاشية النجدي" (1/503).

وقال في شرحه "معونة أولي النهى" (3/ 289): " لأن الأمر المطلق يقتضي الفورية، بدليل قوله سبحانه وتعالى: (ما منعك ان تسجد إذْ أمرتك) [الأعراف: 12]؛ فوبخه إذ لم يسجد حين أُمر" انتهى مختصرا.

والنذر المطلق هنا: أي الذي لم يحدد لإخراجه وقتا، فيلزم إخراجه على الفور، وكذا يجب فورا إخراج النذر المقيد بوقت إذا دخل وقته.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " متى يجب الوفاء بالنذر؟

فأجاب: "النذر قسمان: قسم مطلق، وقسم معلق.

فالمطلق أن يقول الناذر: لله علي نذر أن أصوم ثلاثة أيام، فيجب عليه أن يبادر بالصوم؛ لأن الأصل في الواجب أنه على الفور.

وقسم آخر معلق، مثل أن يقول: إن رد الله علي ما ضاع مني، فلله علي نذر أن أصوم ثلاثة أيام، فمتى رد الله عليه ما ضاع منه، ولو بعد سنة أو سنتين أو أكثر: وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام، من حين أن يرد الله عليه ذلك " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (21/ 2).

وعليه؛ فلا يجوز استثمار مال النذر؛ لأنه يؤدي إلى تأخير إخراجه.

ومن هذا الباب أيضا: منع كثير من أهل العلم استثمار مال الزكاة، لما في ذلك من تأخير إخراجها.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/ 454): "هل يمكن للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية استثمار أموال الزكاة التي قد تودع في المصارف حتى يتم إنفاقها، والتي لن يؤثر استثمارها على ترتيب وتنفيذ إنفاقها في مصارف الزكاة المحددة شرعا، على أن يكون استثمارها في مجالات سائلة، حيث يمكن الحصول عليها عند الحاجة إليها، وفي مجالات استثمار مدروسة وموثوقة؟

الجواب: لا يجوز لوكيل الجمعية استثمار أموال الزكاة، وإن الواجب صرفها في مصارفها الشرعية المنصوص عليها بعد التثبت في صرفها في المستحقين لها؛ لأن المقصود منها سد حاجة الفقراء وقضاء دين الغرماء؛ ولأن الاستثمار قد يفوت هذه المصالح أو يؤخرها كثيراً عن المستحقين " انتهى.

والحاصل: أن عليك إخراج النسبة التي نذرتها أو عاهدت الله عليها، فورا، ولا يجوز تأخيرها لغرض الاستثمار أو غيره.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب