الحمد لله.
السمسرة من الجعالة، وهي عقد على عمل معين، كأن يقول: من باع لي كذا فله كذا، أو من رد لي ضالتي فله كذا.
ولا يُسْتَحقُّ الجعلُ إلا بإتمام العمل، فلو مكث أحدهم أياما يبحث عن الضالة، فلم يجدها، ووجدها غيره في ساعة، لم يستحق الأول شيئا.
قال النفراوي في "الفواكه الدواني" (2/111): " (ولا شيء له) أي للعامل (إلا بتمام العمل)؛ لورود النص بذلك. قال - تعالى -: ولمن جاء به حمل بعير؛ فإن مفهومه: أنه إن لم يأت به، لا شيء له، وأما إن تم العمل، فيستحق الجعل المسمى له" انتهى.
وقال الجويني: " إن المجعول له: لا يستحق من الجُعل شيئاً، ما لم يُتم العمل، هذا متفق عليه...
فإن موضوع هذه المعاملة على تحصيل تمام المقصود من العمل.، فإذا لم يحصل ، لم يثبت للعامل استحقاقٌ...
ويتصل به : ما لو عسُر عليه إتمام العمل؛ فإنه لا يستحق الجُعْلَ، وإن لم يقصِّر؛ وفاقاً... والجملة : أن تمام العمل لا بد منه، ولا يحصل استحقاقُ جزء من الجُعل دونه". انتهى من "نهاية المطلب في دراية المذهب" (8/ 496).
وعليه؛ فإن السمسار الأول لا يستحق شيئا، لا من البائع، ولا من المشتري؛ لأنه لم يكمل العمل ولم يتم البيع عن طريقه.
وكون البائع أعطاه شيئا مقابل إعلانه وسعيه: فهذا تبرع منه، والعمولة كلها للثاني.
والله أعلم.
تعليق