الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز له التستر على خطأ زميله في الطب الذي أخطأ وتسبب بوفاة المريض؟

506025

تاريخ النشر : 04-05-2024

المشاهدات : 2095

السؤال

أنا طبيب جراح أعمل في مصحة خاصة ،قمنا بإجراء عملية معقدة على مريضة وكللت هاته العملية بالنجاح ولله الحمد ووضعت هاته المريضة تحت المراقبة الطبية لمدة أسبوع ثم عند نهاية الأسبوع حدث خطأ من طرف طبيب الإنعاش بسبب إهمال منه و تقصير رغم تنبيهي له ذلك أن المريضة كانت تحتاج بعض الأمصال والأدوية لرفع نسبة الأملاح في الدم و لكن الطبيب في تقديره طلب مني إخراج المريضة دون ذلك لأنها لا تحتاج لتلك الأمصال و الأدوية وتسبب ذلك في وفاة المريضة بعد يومين ،وبعدما جاء أهلها يستفسرون مني قمت بالتستر على خطأ زميلي الطبيب ,فهل يجوز لي التستر على خطأ أخي و زميلي الطبيب ؟
سؤالي الثاني هو هل عندما تحدث لنا أخطاء طبية قد تكون مميتة في بعض الأحيان جاز لنا التستر عليها و عدم إبلاغ الأهل ماداموا لم يقوموا بتقديم شكوى للقضاء أو وجب علينا إبلاغهم وبذلك نعرض أنفسنا للقضاء و العقاب ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا أخطأ الطبيب في التشخيص، وترتب على ذلك عدم إعطاء المريض الدواء اللازم، فمات، ضمن ذلك، فتلزمه الكفارة، والدية على عاقلته.

ولا يجوز لأحد التستر عليه وإخفاء الحقيقة عن أهله؛ لما في الستر عليه من تضييع حق ورثته في الدية.

قال الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: "يعتبر الطبيب مسئولاً وحده، إذا كان الموجب للمسئولية ناشئًا عن تشخيصه، ولم يكن لغيره تأثير في ذلك الموجب.

فعلى سبيل المثال: إذا ادعى إصابة المريض بداء جراحي، واستند إلى الحدس والتخمين، أو إلى دلائل وأمارات لم تثبت دلالتها على وجود ذلك الداء، وترتب على هذا التشخيص الضرر الموجب للمسئولية؛ فإنه حينئذ يعتبر مسئولاً وحده عن ذلك الضرر، ولا علاقة لمساعديه بذلك الموجِب.

وكذلك الحال لو بنى تشخيصه على تقارير المحلل، أو المصور بالأشعة، والمناظير الطبية، وكانت تلك التقارير صحيحة مطابقة للحقيقة، ولكن الطبيب أساء فهمها، وحملها على غير ما ينبغي أن تحمل عليه، فأخطأ في تشخيصه، فإنه يتحمل المسئولية عن ذلك التشخيص الخاطيء وحده" انتهى من أحكام الجراحة الطبية، ص 501

وقد سبق في جواب السؤال رقم (114047) الحالات التي يضمن فيها الطبيب، ومنها:

" 2. المعالج الجاهل. وهو بجهله يعدُّ متعديّاً، والحديث السابق نصٌّ في أنه يضمن.

قال ابن القيم رحمه الله: وأما الأمر الشرعي: فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل، فإذا تعاطى علم الطب، وعمله، ولم يتقدم له به معرفة: فقد هجم بجهله على إتلاف الأنفس، وأقدم بالتهور على ما لم يعلمه، فيكون قد غرر بالعليل، فيلزمه الضمان لذلك ...

4. الطبيب الماهر إذا أخطأ في وصف الدواء: كما يضمن الطبيب الماهر إذا اجتهد في وصف دواء لمريض، ويكون أخطأ في تلك الوصفة، فأتلفت عضواً، أو قتلت المريض.

5. الطبيب الماهر الذي فعل ما لا يفعله غيره من أهل الاختصاص. وهو الطبيب الذي يتجاوز الحدود المعتبرة عند أهل الطب، أو يقصِّر في التشخيص " انتهى.

ثانيا:
إذا حصل خطأ من الطبيب ترتب عليه تلف نفس أو عضو، وجب إبلاغ المريض، أو إبلاغ أهله به؛ ليأخذوا ما يحق لهم من دية، أو تعويض، أو ثمن العلاج والدواء، ولا يجوز كتمان ذلك انتظارا لشكوى المريض أو أهله؛ فقد تحصل الوفاة أو التلف، ولا يظن أحد أنه من فعل الطبيب فلا يطالب بحقه، ففي انتظار الشكوى تضييع للحق.

وهذا كقول الفقهاء بوجوب الشهادة على من علم أن الحق يضيع إن لم يشهد.

قال البابرتي الحنفي رحمه الله في "العناية شرح الهداية" (7/ 366) : " إذا علم الشاهد الشهادة، ولم يعلم بها المدعي، ويعلم الشاهد أنه إن لم يشهد يضيع حقه: فإنه يجب عليه الشهادة " انتهى.

وقال ابن فرحون رحمه الله : " فمن كانت عنده شهادة: فلا يحل أن يكتمها، ويلزمه إذا دُعي إليها أن يقوم بها.

وأما إذا لم يدع إلى القيام بها، فهذا ينقسم على وجهين :

أحدهما : أن يكون حقا لله تعالى .

والثاني : أن يكون حقا لآدمي ...

وأما الضرب الآخر: وهو أن يكون حقا لآدمي , فيلزمه أن يخبر بشهادته صاحب الحق " انتهى من "تبصرة الحكام" (1/ 246).

والإفصاح عما يحصل من خطأ الطبيب، يُعتبر من أخلاقيات الطبيب التي يجب أن يتصف بها.

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب