الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل يجب على المسلم بيع ملكه من أجل أن يزيد ثمن ملك غيره؟

508326

تاريخ النشر : 21-05-2024

المشاهدات : 1141

السؤال

أنا امرأة متزوجة، عندي أخت هي الكبرى، وثلاث إخوة ذكور، أختي اشترت من عند أبي (الوالدان كبار في السن في السبعينيات من العمر يعيشون وحدهم ) شقة في بيت الوالدين البيت الذي عشنا و كبرنا فيه و أبي اشترى بمالها شقة ساحلية، و الآن هي ندمت و تريد ببع البيت كله حتى تسدد الدين الربوي للعلم لا يمكن بيعها منفصلة عن المنزل و تقول ستتحملون الوزر معي بسبب هذا الأمر و تقول للوالدين أنتم أيضا ستحاسبون على عدم الموافقة لاني أريد ان اتخلص من الربا ولا تسمحون لي بذلك فهل إذا أخرجت والديها من بيتهم الآمن إلى مكان مجهول لا نعرف ماذا سيجدون و باعوا و أعطوا لها مالها حتى تتخلص من الربا أولى من أن تبقى على الربا حتى تجد حل آخر مثلا أن تنتظر بيع الشقة الساحلية؟ هل بالفعل نتحمل معها الوزر مع العلم كان أبي قد قال لها اسكني بدون بيع ولا شراء قدر ما شئت لكنها قالت له أريد سكن ملك لأبنائي و ذهبت و اقترضت بنفسها لم يجبرها أحد فقط اخبرتنا نحن الإخوة و كانت متيقنة من قرارها فلم نتدخل فيها و الآن ندمت و تحاسبنا نحن الإخوة و والدينا على ذلك و تريد حل و هو بيع البيت كله و انتقال الابوين المسنين إلى المجهول علما أنه من الصعب وجود بيت مناسب لهم بنفس مؤهلات و مرافق هذا البيت الكبير و بالثمن المتبقي بعد إعطائها مالها؟ فما رأيكم

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يحرم الاقتراض بفائدة ، وهذا هو الربا التي جاءت النصوص من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بتحريمه ولعن فاعله .

قال ابن عبد البر رحمه الله : " وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلف فهي ربا ، ولو كانت قبضة من علف ، وذلك حرام إن كان بشرط " انتهى من "الكافي " (2/359) .

وقال ابن قدامة رحمه الله : "وكل قرضٍ شرَط فيه أن يزيده : فهو حرام ، بغير خلاف ، قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المسلِّف إذا شرَط على المستسلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك : أن أخذ الزيادة على ذلك ربا .

وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى من "المغني" (4/211) .

ثانيا :

من اقترض بالربا وأراد أن يتوب ، فالواجب عليه أن يندم على ما فعل ، ويعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى ، ولا يلزمه أن يدفع الفوائد الربوية، إن أمكنه ذلك. فإن لم يمكنه، دفعها لأجل ما يحصل له من الإجبار على ذلك.

وإذا أمكنه تعجيل الأقساط الربوية، والتخلص من آثار العقد الربوي: فهو الأكمل والأفضل ، وإذا لم يستطع ذلك ، فلا حرج عليه أن يسدد الأقساط في موعدها .

وكلما تمكن من تعجيل شيء منها، فهو أفضل .

وينظر جواب السؤال رقم: (60185 )، (225928 ).

ثالثا :

لا يتحمل أحدٌ ذنب أحد ، لقول الله تعالى : وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى الأنعام/164.

قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص 200):

"فمن كسب سيئة، فإن عقوبتها الدنيوية والأخروية على نفسه، لا تتعداها إلى غيرها" انتهى.

فالذي يتحمل ذنب العقد الربوي، هو من شارك فيه، أو أعان عليه ، ولذلك : " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ , وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ  رواه مسلم (1598).

وعلى هذا ؛ فلا تتحملون وزر هذا العقد الربوي إذا لم تقوموا ببيع البيت .

رابعا :

إذا كانت شقتها لا تباع إلا إذا بيع البيت كله ، أو كانت إذا بيعت منفردة يقل ثمنها ، فلا يلزمكم بيع البيت ، من أجل مصلحتها .

لأنه لا يلزم الإنسان أن يبيع ملكه ، من أجل أن يرتفع ثمن ملك غيره .

وقد اختلف العلماء في حكم بيع الوصي على اليتامى العقار المشترك بينهم وبين إخوتهم الكبار بدون رضا الكبار إذا كان في ذلك مصلحة لليتامى (الصغار) ومذهب الإمام الشافعي رحمه الله واختاره بعض علماء الحنابلة أنه لا يجوز ذلك .

قال في "الشرح الكبير" (حنبلي) (17/498) :

"ويَحْتَمِلُ أن لا يجوزَ البَيعُ على الكِبارِ. وبه قال الشافعيُّ ، وهو أقْيَسُ، إن شاء الله تعالى؛ لأنَّه لا يَجِبُ على الإنْسانِ بيعُ مِلْكِه ليَزْدادَ ثَمَنُ مِلكِ غيرِه، وهذا اخْتِيارُ شيخِنا (ابن قدامة) . وهو الصحيحُ" انتهى.

وعلى هذا ؛ فليس لها أن تلزم أبويها ببيع البيت ، ولا الخروج منه ، بل يبقيان في بيتهما ، وتنتظر هي حتى ييسر الله لها فتتخلص من العقد الربوي عن طريق بيع الشقة الساحلية، أو غير ذلك. فإن لم يمكنها ، فلا حرج عليها من تأخير التخلص منه حتى ييسر الله لها ، كما سبق بيانه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب